خشية من محاولات لإثارة اضطرابات مالية.. وتحذيرات أوروبية تُشكّك بمعالجات الحكومة
ليس أدلّ على المعالجات المالية «الترقيعية»، لتفادي الانهيار الكبير الذي يتهدد لبنان بكافة قطاعاته، وفي ظل حالة التخبط والإرباك القائمة في المعالجات، ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء، ما يقارب أربعة آلاف ليرة دفعة واحدة، أمس، لمجرد شائعات بتوقف منصة «صيرفة». وهو أمر مقلق ويطرح الكثير من علامات الاستفهام، في ظل استمرار أجواء التشكيك بإجراءات الحكومة ومصرف لبنان، لوقف هذا الانهيار الزاحف، في ضوء الصورة السلبية التي رسمها وفد صندوق النقد الدولي الذي زار بيروت في الأيام الماضية، معطوفاً على التحذيرات التي أطلقها الوفد الأوروبي من أن لبنان على طريق الزوال، إذا استمر الأداء الراهن، ولم تتخذ الإجراءات الإنقاذية الضرورية في وقت قريب. وسط خشية حقيقية من محاولات لإثارة أجواء اضطرابات مالية، يقوم بها مضاربون ومستفيدون، من أجل رفع سعر الدولار في السوق السوداء، لإرباك الناس وخلق مزيد من الفوضى في السوق المالية، مع ما قد ينجم عن ذلك ارتفاع كبير في سعر صرف الدولار. وهو أمر بالغ الخطورة، وينذر بمضاعفات، لا يمكن للبنانيين تحمل تداعياتها إذا بقي الوضع على ما هو عليه.
مخاوف من نقص في مخزون القمح والتهديد من عتمة شاملة
وفي حين أرخت تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا بانعكاساتها على لبنان، على أكثر من صعيد، مع تزايد المخاوف من نقص في مخزون القمح، والتهديد من عتمة شاملة زاحفة، زادت المخاوف وأثارت قلقاً واسعاً، توازياً مع الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات، فإن وتيرة الشكوك بتأجيل أو إلغاء الاستحقاق النيابي، آخذة بالارتفاع أكثر من أي وقت مضى، في ظل العقبات القانونية واللوجستية التي تعترض تطبيق «الميغاسنتر» الذي يدعو العهد وفريقه إلى تطبيقه، في وقت تواصل قوى معارضة لقاءاتها التنسيقية في العاصمة الفرنسية باريس، من أجل مواجهة «حزب الله» في هذا الاستحقاق، رغم صعوبة المهمة وافتقاد المعارضين إلى القيادة التي تستطيع جمعهم تحت رايتها. وبينما يتجه الرئيس فؤاد السنيورة إلى حسم مسألة ترشحه للانتخابات من عدمها، الجمعة المقبل، ركزت الاجتماعات التي عقدت في باريس بين الرئيس السنيورة واللواء أشرف ريفي والنائب المستقيل مروان حمادة والنائب السابق فارس سعيد وشخصيات أخرى، على بحث سبل التكتل في الانتخابات، للحد من اختراق «حزب الله» الساحة السنية في الانتخابات، وقطعاً للطريق أمام وصول مؤيدين له إلى الندوة النيابية. وإن كان عزوف السفير السابق نواف سلام عن الترشح للانتخابات، من شأنه إعادة خلط الأوراق والحسابات من جديد، وبما قد يدفع شخصيات سنية بارزة إلى الترشح ومن بينها الرئيس السنيورة للاستحقاق النيابي في بيروت.
وإذ يتوقع في هذا الخصوص، أن يعقد نائب رئيس «تيار المستقبل» المستقيل الدكتور مصطفى علوش، مؤتمراً صحافياً، لشرح أسباب استقالته من «التيار»، فإنه ووفق المعلومات المستقاة من مصادر عليمة، فإن لا أسباب جوهرية وراء استقالة الرجل، سوى قناعاته بضرورة عدم انسحاب الطائفة السنية من الساحة السياسية وترك الغربان تسرح وتمرح فيها شماتة وزهواً بالانتصار الممكن أن تسجله على حساب قرار عزوف الحريري عن خوض سباق الانتخابات. وهذا ما يفسر عدم إحداث قراره مفاجأة في الأوساط السياسية، خصوصا أنه كان سبق وأعلن أنه على تنسيق دائم مع الرئيس السنيورة. في الوقت الذي يثير تمسك العهد وفريقه بـ«الميغاسنتر» قلقاً جدياً لدى حزب «القوات اللبنانية»، عبر عنه بوضوح رئيسه سمير جعجع، من توجه للإطاحة بالانتخابات، باعتبار أن حسابات «التيار الوطني الحر» الانتخابية، قد تدفعه إلى اختلاق الذرائع لتأجيل هذا الاستحقاق، تفادياً لخسارة عدد من المقاعد بعد تراجع شعبيته على نحو لافت.
وإذ تعتبر أوساط سياسية أن العهد مطالب بوقف حملاته على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، فإنها ترى أن استقبال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لوزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي واللواء عثمان ورئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد خالد حمود، وإشادته بجهود قوى الأمن في التصدي للإرهاب، إنما يشكل رسالة إلى من يعنيهم الأمر، بوجوب الكف عن ملاحقة اللواء عثمان، باعتبار أن الاستمرار في ذلك غير مقبول، وبالتالي فإن الرئيس ميقاتي سيكون له موقف حازم لأي استهداف للمدير العام لقوى الأمن الداخلي.
ad
وفي وقت بدأت لجنة المال والموازنة، بحث مشروع موازنة 2022، بدا واضحاً أن خطة التعافي الاقتصادي التي أعدتها الحكومة لرفعها إلى صندوق النقد الدولي، لم تلقَ الصدى الإيجابي المطلوب، كونها أتت خالية تماما من البنود الإصلاحية التي اشترطها المجتمع الدولي على لبنان لمساعدته على النهوض من الأزمة المالية التي تدحرج اليها. وفي حين بات معلوما ان لبنان يحاول من خلال الموازنة العامة التي أعدها التذاكي على العالم كما قال وفد الصندوق الذي زار بيروت أخيرا، ثمة سؤال يطرح عن مصير الخطة الحكومية للإنقاذ الاقتصادي وهل من تطابق بينها وبين المشروع الذي وضعته لجنة المال والموازنة في هذا السياق؟. وقد بدا بوضوح أن الخلافات بين القوى المعنية قد حالت حتى الآن دون تقديم الحكومة خطة تعافٍ موحدة متفق عليها نتيجة الخلاف القائم حول توزيع الخسائر. فهناك فريق يريد تحميل العبء الأكبر منها للمواطنين، أي المودعين، في مقابل من يرفض هذا الأمر. ما يجعل الأمور مرشحة للمراوحة، مع ما لذلك من انعكاسات سلبية للغاية على صعيد الدعم الدولي للبنان، لإخراجه من مأزقه.