IMLebanon

مولوي يكبّر حجر الـ «ميغاسنتر»… لتطييره!

 

 

أجهض وزير الداخلية بسام المولوي في دراسته حول الـ«ميغاسنتر»، أو مراكز الاقتراع الكبرى، أي أمل إصلاحي يسمح بإعفاء الناخب من مشقّة الذهاب إلى مسقط رأسه للاقتراع ورفع نسبة التصويت وتقليص تأثير المال السياسي. بالغ مولوي في تقدير المدة التي يتطلبها تنفيذ المشروع وفي نفقاته التي قدّرها بـ 6 ملايين دولار «فريش»، هذا الأمر سيشعل الخلاف بينه (والفريق السياسي الذي يمثله) وبين التيار الوطني الحر الذي «لن يقبل» بإسقاطه وقد يصل إلى حدّ الاعتكاف. إذ ثمة دراسات مخالفة لدراسة الوزير توثق إمكانية إنشاء الميغاسنتر بكلفة متدنية وخلال مدة لا تتعدى الشهر.

 

بحجة «ضيق الوقت وعدم توافر الموارد البشرية والمادية» لإنجازه، نعى وزير الداخلية بسام مولوي فكرة اعتماد الـ «ميغاسنتر» (مراكز الاقتراع الكبرى التي تسمح للناخبين بالاقتراع في أماكن سكنهم لا مساقط رؤوسهم). وهي الحجة نفسها التي طيّرت الاقتراح نفسه قبيل انتخابات 2018، رغم أنه أتى ضمن رزمة إصلاحات القانون الانتخابي الجديد. يومها، أعلن وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق استعداده لإنجاز المشروع الذي طرحه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في اجتماع للجنة الوزارية المكلفة بإجراء الانتخابات. إلا أن اعتراض الحزب الاشتراكي وحزب الله والمردة وحركة أمل أطاح بالمشروع، رغم أن التمديد للمجلس النيابي لسنة كاملة تم بحجة الحصول على وقت كاف لإنجاز البطاقة الممغنطة وإقامة مراكز الاقتراع الكبرى. بين 2018 و2022، لم يتغيّر شيء.

 

قبل أسبوع، غرّد النائب جبران باسيل على «تويتر» بأن «الحكومة أنشأت 219 مركز اقتراع في 59 دولة في العالم لضمان اقتراع المغتربين ولا عذر للدولة في إنشاء 9 مراكز في لبنان». وختم بالقول: «ما رح نقبل». فيما أكّدت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر أن «لدينا خيارات كثيرة تصل إلى حدّ الاعتكاف في حال تعذّر إنشاء مراكز للاقتراع لأنه لا مبرر منطقياً لذلك، خصوصاً بعد تطيير الدائرة 16».

الوزير يبالغ

أسباب عدة تذرّع بها المولوي لدفن الـ«ميغاسنتر»، أبرزها المهل والإجراءات اللوجستية والكلفة. بحسب الوزير، فإن تطوير برنامج عبر شركة خاصة يسمح للناخبين بتسجيل أسمائهم عبر الموقع الإلكتروني للمديرية العامة للأحوال الشخصية يتطلّب شهراً لإنجازه و70 ألف دولار أميركي. أما «اختيار الناخبين التسجيل في مراكز الاقتراع»، فقدّر مولوي كلفته بـ 50 ألف دولار، علماً أنه يفترض بهذا الأمر أن يكون ملحوظاً ضمن البرنامج أساساً. كما قدرت دراسة الداخلية كلفة تأمين وتجهيز تسعة مراكز اقتراع كبرى (3 في جبل لبنان، 2 في بيروت، 1 في صيدا، 1 في زحلة، 1 في طرابلس) وربط كل منها بـ 26 دائرة صغرى بـ500 ألف دولار لكل مركز (4 ملايين و500 ألف دولار لتسعة مراكز)، تشمل تولّي شركات خاصة تجهيز هذه المراكز وتجهيز لجان القيد الخاصة وتأمين السير خلال النهار الانتخابي (تحتاج إلى حوالي 3 أشهر) وغيرها من الأمور التي يمكن للدولة القيام بها من دون الاستعانة بشركات خاصة. وتضاف إلى ذلك، بحسب الدراسة، 150 ألف دولار للقرطاسية. وتكاليف أخرى ترتبط بالموارد البشرية. إذ إن الجهاز الإداري الذي سيخصص للمراكز التسعة يتطلب إنشاء 3 آلاف قلم اقتراع إضافي، وتخصيص 600 لجنة قيد إضافية و6 آلاف موظف إضافي، فضلاً عن الحماية الأمنية والعسكرية. وكلفة هذه الإضافات، كما احتسبها مولوي، تصل إلى 22 مليار ليرة. كما «بحبش» وزير الداخلية عن عوائق قانونية، كتعديل المادة 85 من قانون الانتخاب لإتاحة إنشاء مراكز اقتراع إضافية والمادة 84 المتعلقة بالبطاقة الممغنطة التي تمّ تجميدها. بناء عليه، خَلُص المولوي إلى أن هذه المتطلبات جميعها تجعل اعتماد مراكز اقتراع كبرى متعذراً ضمن المهل المفروضة في القانون، فيما تصل كلفتها الإجمالية إلى نحو 5 ملايين و872 ألفاً و500 دولار .

 

مصادر قيادية في التيار الوطني الحر: لدينا خيارات كثيرة تصل إلى حدّ الاعتكاف في حال تعذّر إنشاء مراكز للاقتراع

 

 

مصادر مطلعة تؤكّد أن دراسة وزير الداخلية تتضمّن مغالطات عدة على المستويين القانوني واللوجستي. في الشق الأول، نصت المادة 85 على الدائرة الانتخابية من دون تحديد ما إذا كان يُعنى بها الدائرة الصغرى أو الكبرى، «وكل ما أتت عليه هو تنظيم مسألة فتح مراكز وأقلام اقتراع لتحديد الحد الأدنى والأقصى المطلوب توافرهما لفتح قلم وليس المنطقة الجغرافية». وعلمت «الأخبار» أن رأي هيئة التشريع والاستشارات أن أحكام المادة 85 تطبّق لناحية تحديد أقلام الاقتراع في السفارات والقنصليات ومراكز الاقتراع خارج لبنان، على أن يتم تحديد الأقلام وفق آليتي المادتين 116 و123 وليس المادة 85. وهو ما ينقض حجة الوزير. فيما لا رابط فعلياً بين الـ«ميغاسنتر» والبطاقة الممغنطة، وهي إجراء لوجستي لا يقف حائلاً دون اقتراع الناخب في حال عدم حيازته لها. أما في الشق اللوجستي، فتؤكد المصادر أن الكلفة التي تكبّدتها وزارة الخارجية لقاء التسجيل المسبق للمغتربين بلغت 6 آلاف و900 دولار (دفعتها بموجب هبة)، رغم أن عملية التسجيل في الخارج أكثر تعقيداً، وقد تولتها شركة متعاقدة مع مديرية الأحوال الشخصية يمكن الاستعانة بها مجدداً لهذا الغرض في فترة قصيرة لا تتعدى الأسبوعين. أما النفقات التي قدّرتها الداخلية لإنجاز لوائح شطب خاصة بمراكز الاقتراع فتتضمّن مبالغات. إذ أن القوائم الانتخابية صدرت وجُمّدت، والمطلوب وضع إشارات على أسماء الراغبين بالاقتراع في المراكز الكبرى وإصدار لوائح شطب خاصة بها. كما أن هناك مبالغة في كلفة الـ5 ملايين دولار لتأمين وتجهيز المراكز، «وثمة تجربة في الخارجية التي اعتمدت 200 مركز وجهزتها بـ500 ألف دولار خلال 45 يوماً. علماً أن تأمين المراكز في لبنان أسهل إذ يمكن الاستعانة بالمدارس وقاعات البلديات والكنائس والجوامع وغيرها. أما القرطاسية، فإن الوزارة لم توفرها بعد بمعزل عن الـ«ميغاسنتر» في انتظار وصول الاعتمادات التي يمكن زيادتها لتشمل حاجة المراكز. بالتالي، يبدو أن الغرض من دراسة الداخلية تكبير الحجر لتطيير المشروع.