على جدول أعمال مجلس الوزراء اليوم 18 بنداً، الأهم فيها ذاك المتعلق بالـ«ميغاسنتر»، والذي يتوقع أن يحتدم النقاش حوله عطفاً على تقرير اللجنة التي كلفها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مناقشة الموضوع تقنياً ومالياً، فأعادت رمي المشكلة في وجهه
مجدداً، يحطّ موضوع الـ«ميغاسنتر» (مراكز الاقتراع الكبرى التي تتيح للناخب الاقتراع في مكان إقامته) على طاولة مجلس الوزراء، بعدما كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد أحاله إلى لجنة وزارية (الداخلية والخارجية والمالية والتربية والثقافة والسياحة والاتصالات والعدل) عقدت اجتماعين لدرسه، قبل أن ترفع تقريرها إلى الحكومة لمناقشته اليوم. وقد تركزت نقاشات اللجنة حول ثلاث مسائل: قانونية ولوجستية ومالية. في الشق القانوني، انقسم الوزراء (السياحة والعدل) بين من يرى أن إنشاء الـ«ميغاسنتر» وما يتطلبه من أقلام اقتراع في الدوائر لا يحتاج إلى تعديل قانوني، وبين من يؤكد أن التعديل القانوني ضروري لإنشاء مراكز اقتراع تابعة للدوائر خارج النطاق الجغرافي لهذه الدوائر وتخصيصها بلجان قيد (وزراء الداخلية والخارجية والسياحة والاتصالات والتربية والثقافة). ووسط هذا الانقسام الذي أخذ طابعاً سياسياً، تُرك القرار الأخير للحكومة مجتمعة. فإذا أجمع أعضاؤها على أن التعديل لا يتطلب قانوناً بل مجرد قرار حكومي، سيتخذ في حينه لتنطلق التحضيرات بعدها مباشرة. أما إذا أُجمع على الخيار الآخر، عندها يحضر المجلس مشروع قانون ليرسله إلى مجلس النواب. غير أن الانقسام العمودي في اجتماعات اللجنة يشي بانقسام مماثل في جلسة اليوم. ولأن الموضوع خرج من إطاره التقني و«الإصلاحي» ليدخل البازار السياسي، فمن المرجح أن تشهد الجلسة خلافاً حوله وما إذا كان تنفيذه ممكناً ضمن المهلة المتبقية قبل موعد الانتخابات النيابية أو أنه سيؤدي إلى تأجيلها. لذلك، ثمة بين الوزراء من يؤكدون أن مطلب الـ«ميغاسنتر» مجرد ذريعة عونية للتأجيل، ما ينفيه التيار الوطني الحر تماماً، مؤكداً إمكان إنجاز المشروع قبل موعد الانتخابات إذا توافرت الإرادة السياسية. وثمة عقبة أخرى هنا، أيضاً، تتمثل في موقف الرئيس نبيه بري الذي طرح المشروع في الجلسة العامة لمجلس النواب في 19 تشرين الأول 2021 على التصويت برفع الأيدي وأسقطه.
حتى الساعة لا اعتمادات لإجراء الانتخابات من أساسها حتى من دون الـ«ميغاسنتر»!
في الشق المالي، أومأ وزير المال يوسف خليل برأسه، خلال جلسة اللجنة الوزارية، لدى سؤاله عن إمكانية تأمين اعتمادات بقيمة 37 مليار ليرة لإنشاء المراكز وتجهيزها، مشيراً إلى أن بإمكانه تأمينها، وهو ما يذلل العقبات اللوجستية. إلا أن «الإيماء بالرأس» شيء وتوفير الأموال أمر آخر. إذ إن اعتمادات الانتخابات من دون «ميغاسنتر» (320 مليار ليرة) لم تفتح بعد، رغم أنه كان يفترض بمجلس النواب إقرارها في جلسته الأخيرة في 21 شباط الماضي. لكن الجلسة مرّت من دون أن تضع هيئة مكتب المجلس الأمر على جدول الأعمال ومن دون أن يعرضه رئيس المجلس من خارجه. وعليه، حتى الساعة لا اعتمادات لإجراء الانتخابات من أساسها.
في سياق آخر، عرض وزير السياحة وليد نصّار خلال جلسة اللجنة برنامجاً مبسطاً لا يتطلب إنجازه سوى مليونيّ دولار لأنه لا يأخذ في الاعتبار ربط المراكز إلكترونياً، بل ينص على الاستعانة ببرنامج اقتراع المغتربين للإتاحة لمن يرغب بالانتخاب خارج مكان قيده تسجيل اسمه على المنصة الإلكترونية، ليصار بعدها إلى شطب كل الأسماء المسجلة عن لوائح الشطب الأساسية. غير أن وزير الداخلية بسام مولوي أشار إلى أن اقتراع المغتربين منصوص عليه بالقانون بخلاف الاقتراع في الداخل مما يعيد إلى المسألة نفسها: تعديل قانون الانتخاب. كذلك، لفت مولوي إلى عقبة أمنية تحول دون ضمان وصول صناديق الاقتراع بشكل آمن إلى بيروت أو إلى الدوائر المفترضة خوفاً من أي هجوم عليها. علماً أن الجواب أتاه بأن الفرز يتم داخل الـ«ميغاسنتر» فور إقفال الصناديق، شأنه شأن كل الدوائر، بالتالي يسلك الرحلة نفسها مع بقية الصناديق ونتائج الفرز إلى لجان القيد العليا في بيروت. عند هذا، انتهت الاجتماعات، وبات القرار بيد مجلس الوزراء، وربما مجلس النواب لاحقاً. وهو، على الأرجح، سيكون مدعاة مناكفات سياسية محتدمة طالما أن لا إجماع سياسياً حوله بل مجرد تأكيد على ضرورة هذا «الإصلاح»… إنما في وقت لاحق. العبارات المنمقة نفسها قيلت عام 2017 عند إقرار قانون الانتخاب النسبي، فجرى التمديد للمجلس عاماً واحداً بحجة إنجاز الـ«ميغاسنتر»، قبل أن يطير ويحط مجدداً بعد 4 سنوات. فهل يتكرر المشهد عينه اليوم؟