ردّ رئيس الجمهورية ميشال عون التعديلات التي أدخلها مجلس النواب على قانون الانتخابات، بما في ذلك موعد الاستحقاق، بعد اصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على تقريب الموعد ليكون في 27 آذار بدلاً من الثامن من أيار، وهو التاريخ الذي يفضّله “التيار الوطني الحر” للوقوف على حلبات الملاكمة الانتخابية، ما دفع رئيسه جبران باسيل إلى تسجيل اعتراضه الواضح والصريح على كلّ التعديلات التي أقرها مجلس النواب في جلسته الأخيرة.
فعلياً، فإنّ الخلاف الواقع بين الفريقين، لن يقدّم أو يؤخر كثيراً في النتائج التي يعمل كل فريق على تحقيقها، ومع ذلك، لا يرى المعنيون في هذه الضجّة المثارة إلا بكونها من باب “الحرتقة” على “التيار” وزركه في زاوية الاستحقاق زركاً ليخوض غماره بلا لياقة تنظيمية كافية تساعده على الفوز بأكبر عدد من المقاعد، ولذا يعتقد العونيون أنّ مهلة الشهر المختلف عليها مع رئيس مجلس النواب قد تكون قيمة مضافة وتوسّع الهامش المتاح أمامه وتساعده على تحسين استعداداته الانتخابية.
وبالفعل، لم ينتظر رئيس مجلس النواب كثيراً ليتلقف ردّ رئيس الجمهورية. وبعد أقل من ساعة كان بري يدعو إلى جلسة للجان المشتركة لدراسة الردّ. وذلك في رسالة واضحة بأنّ المجلس لن يتأخر في إعادة اقرار القانون كما خرج من مجلس النواب في جلسته الأخيرة. مع العلم أنّ بري دعا قبل ثلاثة أيام إلى عقد اجتماع لهيئة مكتب مجلس النواب يوم الإثنين المقبل تمهيداً لعقد جلسة تشريعية، وهو الذي كان ميالاً للاعتقاد أنّ الرئيس سيفعلها ويردّ القانون، فانتظره على “الكوع” لإعادة المصادقة على القانون حيث يفترض أن تكون الاغلبية مؤمنة للدورة الثانية… ولو أنّ العونيين يعتقدون أنّه بامكان خرق هذه الأغلبية وتأمين كتلة معطّلة تسمح بوقف العمل بالتعديلات.
ولهذا يقول نواب عونيون إنّ تقديم طعن أمام المجلس الدستوري لا يزال خياراً متاحاً أمامهم، لأنّ هذا المسار يكسبهم المزيد من الوقت، وقد يؤدي في نهاية المطاف إلى فرض موعد الثامن من أيار كأمر واقع اذا ما تأخر قرار المجلس الدستوري بشأن الطعن الذي سيُقدم والذي تظهّر جزء من حيثياته أمس في بيان رئاسة الجمهورية، ومنها مثلاً يكمن في “تقصير المهل الذي من شأنه أن يحول دون تمكن الناخبين المقيمين خارج لبنان من ممارسة حقهم السياسي المحفوظ في القانون الانتخابي الراهن، بأن يقترعوا لممثلين لهم في الدائرة الانتخابية المخصصة لغير المقيمين في الدورة الانتخابية التي نحن على مشارفها… كذلك في حرمان 10685 مواطناً ومواطنة من جميع الطوائف، يبلغون سن الـ21 في الفترة بين اول شباط والثلاثين من آذار 2022، من حق الانتخاب”.
ومع ذلك، يقول أحد النواب العونيين إنّ إعادة العمل بآلية الميغاسنتر قد تكون مخرجاً سياسياً لائقاً لانضمام “التيار” إلى قافلة المؤيدين لموعد 27 آذار، ذلك لأنّ انشاء هذه المراكز الضخمة هو مطلب أساسي بالنسبة للتيار لأنه يمكّن شرائح كبيرة من الناخبين المسيحيين لا سيما من أبناء مناطق الأطراف من المشاركة في الاستحقاق في مناطق اقامتهم من دون أن يتكّبدوا عناء التوجه الى مناطق نفوسهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
ويشير إلى أنّ هذا الطرح لا يكبّد الخزينة العامة مبالغ طائلة لأنه من الممكن استخدامه من دون البطاقة الممغنطة، ويمكن الطلب من الناخبين الراغبين في الاقتراع في الميغاسنتر تسجيل أسمائهم مسبقاً أسوة بآلية تسجيل غير المقيمين ليصار في ما بعد إلى شطبهم من لوائح الشطب منعاً لازدواجية الاقتراع. وهذه الآلية تسمح برفع نسبة مشاركة الناخبين المسيحيين لا سيما أبناء الأطراف، وهو أمر يخدم مصلحة “التيار” الانتخابية.