في اليوم الأول من جلسة التشريع، أطلق النائب “التغييري” المحامي ملحم خلف، صرخةً في وجه ما يحصل في المجلس النيابي، محمِّلاً النواب مجتمعين مسؤولية ما وصلت إليه الاستحقاقات الدستورية والساحة الداخلية، وذلك في لحظة بالغة الخطورة على المستوى الأمني، حيث يتعرّض لبنان لاعتداءات إسرائيلية يومية تجعله في دائرة الخطر والتهديد من عدوان إسرائيلي.
وقال خلف المعتصم منذ 329 يوماً في المجلس النيابي احتجاجاً على الشغور الرئاسي لـ “الديار”، إنّ “الجلسة التشريعية التي انطلقت بالأمس، هي انقلاب على الدستور وتقويض للديموقراطية ونحر لسيادة القانون في لبنان، وتأتي في سياق المسلسل التدميري للمؤسسات الدستورية الذي نشهده منذ لحظة شغور سدّة الرئاسة، وحتى ما قبلها”. وذكّر ب”البيان الذي أصدره 46 نائباً، وحدّدوا فيه الموقف الدستوري السليم مِن عدم جواز انعقاد جلسة تشريعية في ظل شغور سدّة الرئاسة، وذلك وفقاً للمادة 75 من الدستور، بمواجه آنذاك جلسة تشريعية كانت ستُعقد لتمرير قانون تصديّاً لإشكالية الشغور في موقع مدير عام الأمن العام”، موضحاً أنّ المجلس النيابي هو “هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية، وبالتالي يُمنع على المجلس النيابي التشريع، قبل انتخاب رئيس للجمهورية”.
وشدّد على أن “هذا النص الدستوري الخاص والصريح لا يسمح بأيّ توسّع في تفسيره، وإنّ هذا المنع هو مطلق ولا يحتمل أيّ استثناء ولا تمييز بين ما هو تشريع الضرورة وتشريع غير الضرورة، إذ لا أولوية تعلو فوق أولوية انتخاب رئيس للجمهورية، بل الموجب الدستوري المترتب على السادة النواب يحصر مهمتهم فقط وحصراً بهذا الاستحقاق الى حين إتمامه”. واعتبر أن “اقتراح القانون المطروح المتعلّق بإشكالية الشغور المحتمل في موقع قيادة الجيش- ومهما تعدّدت صِيَغِه وتمويهاته- هو معيوب شكلاً ومضموناً”.
كما رأى أنّ “إقرار القانون المذكور يجعل من السلطة التشريعية، في خدمة مصالح بعض الأفراد العاملين في السلطة التنفيذية، ويُفقِد المجلس النيابي دوره في مراقبة هذه السلطة، فلا يعود ممكناً للسلطة التشريعية مراقبة مَن أقرّت القانون على قياسهم؛ كلّ ذلك، يخالف أيضاً مبدأ فصل السلطات ويُعدّ تعدٍّ من سلطة على سلطة أُخرى”.
وشدّد رداً على سؤال على أنه “مِن غير المقبول أن تستمر السلطة التنفيذية في الهروب من مسؤولياتها، وتحميل المجلس النيابي وزر عجزها، فترمي له في كلّ مرة، مسؤولية معالجة قضايا بطبيعتها ونوعها وماهيتها تقع في صلب مهام الحكومة، كإشكالية الشغور المحتمل في قيادة الجيش، والتي لا بدّ من معالجتها حصراً داخل السلطة التنفيذية بحلول عديدة أضحت معلومة من الجميع، ومِن بينها قرار وزير الدفاع بتأجيل تسريح قائد الجيش”.
وما إذا كنا أمام مخالفة دستورية، أكد أن “عقد جلسة تشريعية، أيّاً يكن سببها، لا تزال مخالفة للدستور وأشبه بضربة قاتلة لأساسات النظام اللبناني، إضافةً الى أنّ القانون المطروح بما يتصل بإشكالية الشغور في قيادة الجيش – من جملة مشاريع واقتراحات القوانين الأُخرى المطروحة لإقرارها – معيوب بعيوب جوهرية وباطل بطلاناً مطلقاً”، لافتاً إلى أن “كلّ هذا يُرتِّب موجباً دستورياً على النواب بعدم المشاركة في أيّ جلسة من هذا النوع وعدم الاعتراف بها، وأيّ مشاركة من قبلهم أو اعتراف منهم بها يُعَدّ انتهاكاً صارخاً لأحكام الدستور”.
وإذ شدّد خلف، رداً على سؤال عن الحلول الممكنة، على أن “الإمتثال الى الموجب الأوّل الدستوري المتمادي المترتّب علينا جميعاً منذ أكثر من سنة الإجتماع فوراً، وبحكم القانون، لانتخاب رئيس الدولة”، لفت إلى أن “الحيلولة المتعمّدة دون انتخاب رئيس الجمهورية هي تعطيل للنظام وانقلاب عليه”.