Site icon IMLebanon

النقيب ملحم خلف: المحقّق العدلي لديه صلاحيات لا يمكن أن يسحبها منه أحد

 

“لماذا يتهرّبون من التحقيق؟ كلّنا بدّنا العدالة… ما حدا بدّو انتقام”

 

 

منذ تفجير المرفأ في 4 آب 2020 تولت نقابة المحامين في بيروت مسؤولية الإدعاء نيابة عن أهالي الضحايا والمتضررين. ولم تكتف بهذا الأمر فقط بل اتجهت نحو بريطانيا بحثاً عن معلومات حول شحنة النيترات التي استقدمت إلى لبنان وخزنت في العنبر رقم 12 وحول من استوردها ومن كان يخرجها من العنبر. بعد عام على التفجير لا تزال النقابة تتابع الملف ولا يزال النقيب ملحم يتصدى لمحاولات الحد من صلاحيات المحقق العدلي القاضي طارق بيطار ويعتبر أن الملف واحد منذ تولى التحقيق فيه القاضي فادي صوان.

 

على رغم الحضور الدائم لمكتب الإدعاء في النقابة لجلسات التحقيق إلا أن هناك من حمّل النقابة مسؤولية التأخير في الجلسات بسبب الإضراب. يقول النقيب خلف: الإضراب لا يتعلّق بنا كنقابة. والمشكلة ليست مع مجلس القضاء الأعلى إنما هي مع بعض القضاء الذي لا يدرك كم هو حجم أثر التجاوزات التي تعرض ويتعرض لها المحامون والنقابة من خلال محاولة سحب صلاحياتها وتخطيها وهي تجاوزات لا تساهم في إعلاء شأن العدالة بجناحيها. غير صحيح أن قرار الإضراب اتخذ بسبب ما حصل مع المحامي رامي عليق بل كان نتيجة تراكمات كثيرة كانت تحصل حتى قبل أن أكون نقيباً. المشكلة مزمنة وتحتاج إلى حل. وسائل الإعتراض متعددة ولكننا لسنا أسرى هذه الوسائل التي يمكن أن تتغير أما القضية تبقى واحدة. ما بقا فينا نقبل بقضاء قوي عالضعيف وضعيف عالقوي. من غير المقبول أن نستقوي على من يسرق دجاجة ونسكت على من يسرق بلداً. لا أعتقد أن الإضراب يؤثر على إجراءات التحقيق في قضية تفجير المرفأ. الأمر غير صحيح. نحن نعطي أذونات استثنائية لحضور الجلسات. في جلستي التحقيق اللتين كانتا مخصصتين للإستماع إلى قائد الجيش السابق جان قهوجي ومدير المخابرات كميل ضاهر غير صحيح ما قيل أن التأجيل كان بسبب عدم حضور المحامين. لم نتبلغ بموعدي الجلستين. وكل جلسة يتم تبليغنا بموعدها نعطي الإذن للمحامين بحضورها.

 

من كان يجب أن يبلّغكم؟ قاضي التحقيق أم وكلاء المدعى عليهم؟

القاضي يبلّغ وليس المحامون. كل جلسة مفترض أن يبلّغنا بها قلم المحقق العدلي.

 

 

لماذا ربطتم كنقابة بين التأجيل وبين قرار النيابة العامة التمييزية المتعلق بعدم السماح باستجواب مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم؟ قلتم في بيانكم أن “المطالعة يبدو أنّها تذهب بإتجاه إنتزاع صلاحية المحقق العدلي بالملاحقة وتعطيلها”.

 

نحن لم نقل ذلك. أخذنا ما صدر عن النيابة العامة التمييزية في هذه المسألة المتعلّقة بالحصانات. هذا مسار يدخل ضمن الحصانات الوظيفية والنيابية والمهنية. هناك حصانة وظيفية يمنح فيها الإذن بالملاحقة من أعلى سلطة إدارية وتكون تراتبية. المقاربة الأولى كانت إيجابية ولم يكن هناك تحفظات بعد ذلك أتى الجواب سلبياً. المحقّق العدلي كان يمكنه أن يستمرّ في إجراءاته ولكنّه طرح المسألة على النائب العام الذي يمكنه أن يقرّر ضمن مهلة 15 يوماً. المطالعة التي عملها النائب العام أتت وكأنّها محاولة للإلتفاف على المحقّق العدلي في صلاحياته حيث أنّه يمكنه أن يعطي الإذن بالملاحقة أو يمنعه. “يا إيه يا لأ”. ولكنّ النائب العام قال للمحقّق ما معناه أن الطلب الذي أرسلته إليّ لا يمكنني أن أبتّ فيه لأنّني حَكَم. اعتبر حالو حَكَم. مع أنّ النيابة العامة فريق في الدعوى مش حَكَم. وبالتالي ردّ الطلب وقال للمحقّق “لتصويب الأمور وإذا في اي ملاحقة إياك أنت تلاحق أنا بلاحق”! يعني أخدو وجابو وسكّر عليه الطريق ورجع قلّو هيدي صلاحياتي وما عطاه الإذن.

 

هل نشر القرار؟

 

لم ينشر وحصل التباس بسبب هذا الأمر. التحقيق بالشكل اللي عم نشوفو عم يتعرقل. النيابة العامة بدل أن تقوم بدور الإدعاء لا تدّعي ولا تقوم بمهامها.

 

هل تعرقل عمل المحقق العدلي القاضي بيطار؟

 

هيدا اللي عم يظهر.

 

 

أعطيتم في 28 تموز الإذن بملاحقة النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل. هل تأخرتم باتخاذ هذا القرار؟

 

لم نتأخر. ضمن المهلة القانونية. وصلنا الطلب قبل أسبوعين وكان يجب أن نعطي مهلة لحق الدفاع. لدينا مهلة شهر. اعطينا الموافقة قبل انتهاء المهلة. المسألة تتعلّق بوقف ممارسة مهنة المحاماة لعلة التمانع بين الوزارة والمهنة وبالتالي طلب رفع الحصانة لم يكن متعلّقاً بممارسة المهنة.

 

هل أنتم مرتاحون كنقابة لمسار التحقيق منذ بدأ مع القاضي فادي صوّان حتى تنحيته وانتقال الملف إلى القاضي طارق بيطار؟

ما يحصل على المستوى السياسي وعلى مستوى النيابة العامة التمييزية لا يُطمئن. ليس المطلوب أن نكون مرتاحين كنقابة محامين. نحن نتابع الإجراءات التي تفرضها القوانين التي توصل إلى العدالة. هذا المسار إذا كان صحيحاً هو الذي يعطي الطمأنينة للعدالة.

 

 

 

كان هناك تجنٍّ على القاضي صوان؟

لا أريد أن أدخل بالتقييم الشخصي لأن الأمر يجب أن يدخل ضمن الإعتبارات المهنية لا ضمن التحليل. بالنسبة إلينا هناك قاضٍ مُكلّف بمتابعة الملف بغضّ النظر عن اسمه. وهناك محقّق عدلي بدّو يكمل شغلو من دون أن يكون هناك أي ضغط عليه. هيدا باختصار. كل واحد لازم يعمل واجباتو. المدعي العام يجب أن يشتغل كمدّعي عام وأن يدّعي لأنّ هذا هو دور النيابة العامة.

 

 

لديكم وكالة شاملة عن كل المتضررين؟

 

لدينا وكالات عن 1400 متضرّر تقريباً. هناك متضرّرون لم يرغبوا بتنظيم وكالات وهناك متضرّرون لا يزالون يتقدّمون بطلبات للتوكل عنهم. والنقابة تتابع الملف عبر مكتب الإدعاء الذي يحضر الجلسات.

 

 

من خلال متابعتكم للجلسات منذ بدايتها، كيف تنظرون إلى مضمون التحقيق؟ هناك معلومات تشكّل أساساً متيناً لتكوين قرار إتّهامي؟

 

نحن نتابع التحقيقات عبر استراتيجية تتعلق بـ3 مسارات: الأول من هو صاحب المواد المتفجّرة وكيف انطلقت من جورجيا حتى وصولها إلى المياه الإقليمية اللبنانية. الثاني من ساعة وصولها إلى المياه الإقليمية حتى دخولها ورسوّها في المرفأ وتفريغ حمولتها في العنبر رقم 12 حتى انفجارها في 4 آب. الثالث كيف حصل الإنفجار؟ وما هو سببه؟ لا يجب أن نتوقّف عند سيناريو واحد والسيناريوات تتعلّق بكل الإحتمالات ولا يجب أن نركز على احتمال واحد فقط. وهذا الأمر يتطلّب جهداً كبيراً والجهد الأكبر ينصبّ على كيفية تأمين ضمان حقوق الناس من خلال إلقاء الحجزعلى الشركات التي تتعاطى مع شركة استثمار مرفأ بيروت. الأمر الثاني لدينا إجراءات قضائية وإدارية نتابعها في بريطانيا لمعرفة من هم أصحاب حقوق هذه الشركات الوهمية التي خلقت جدراناً ما بين المالكين الحقيقيين وما بين الظاهرين. وهذا الأمر يتطلب جهداً كبيراً ويساعدوننا في بريطانيا من دون مقابل.

 

 

 

وصلتكم أجوبة؟

(يضحك) نحن في مرحلة حسّاسة جدّاً ودقيقة جدّاً.

 

مشابهة للتسريبات التي قالت إن الصفقة وراءها النظام السوري؟

نحن ملتزمون بالإجراءات القضائيـة وبسرية التحقيق.

 

البعض حمّلكم مسؤولية تعطيل مرفأ بيروت بسبب الدعوى ضد شركة استثمار المرفأ.

 

لأنهم لا يعرفون أنّ استثمار المرفأ كان يؤمّن دخول نحو 370 مليون دولار لم يكن يصل منها إلى الخزينة العامة إلا ستين مليوناً تقريباً والباقي ما منعرف وين بيروح. اليوم طلبنا حجز مليوني دولار وطلعت الصرخة. هذا حماية لحقوق الناس وللدم الذي سال. خلّيهم يخبرونا وين راح هالمال؟ بعض الوزراء ما استحوا يقولوا للقاضي ارفع الحجز. يا عيب الشوم عليهم. التدخل السياسي بالقضاء وبهذا الملف يجب أن يتوقف. ما قبل 4 آب ليس كما بعده.

 

ما يحصل اليوم تعتبره تدخلاً سياسياً بالقضاء؟

 

صحّ. شو عم ينعمل؟ يأخذون تغطية بظاهر القانون للإلتفاف على العدالة. يستغلّون ظاهر القانون أمام هذه الجريمة الكبرى وهذا جريمة كبرى. من يشعر أنه مرتاح لمسار التحقيق وللمساءلة وما عندو شي يخاف منّو ليش ما بيجي عالتحقيق. هذا الأمر يحصل وبعد ما في إدانة واتهام. بعدو القاضي عم يقلّك بدي استمع إليك. بغضّ النظر عن الأشخاص لازم هالملف يستمرّ.

 

ما الخيارات المتاحة أمام المحقق العدلي إذا استمرّت محاولات الإلتفاف عليه وتعطيل دوره من خلال عدم السماح برفع الحصانات في مجلس النواب ووزارة الداخلية ورئاسة الحكومة ومجلس الدفاع الأعلى؟

 

لدى المحقق العدلي خيارات كثيرة. في هذا الموضوع أنجزنا مذكرات أودعناها لدى المحقق العدلي. المسألة واضحة. المادة 70 من الدستور اللبناني تحدد على ضوء المادة 60. المادة 60 بما خصّ رئيس الجمهورية تتحدّث عن الخيانة العظمى والإخلال الوظيفي والجرائم العادية. الثلاثة يستوجبون المحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. المادة 70 تقول بالخيانة العظمى والإخلال الوظيفي والجرائم العادية تذهب أمام القضاء العادي. لا توجد جدلية حول هذه المسألة. إذا وزير عم يسوق سيارة وعمل حادث ما بيروح عالمحكمة؟

 

 

هل هناك استحالة أمام المحقق العدلي لمتابعة التحقيق إذا لم ترفع الحصانات؟

 

المادة 362 أصول محاكمات جزائية واضحة. لديه إمكانية الإدعاء. هناك مرسوم أوكل هذا الملف إلى المجلس العدلي. وهناك قرار بتعيين محقّق عدلي بالتوافق بين وزيرة العدل ومجلس القضاء الأعلى. هذا المحقّق العدلي لديه صلاحيات لا يمكن أن يسحبها منه أحد.

 

كيف يمكن أن يعمل مع جهازي أمن ادّعى على رئيسيهما؟

 

مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم ومدير عام أمن الدولة اللواء أنطوان صليبا؟إذا ما بيتعاونوا في مشكلة. عندها نكون أمام ضابطة عدلية تدير العدلية بدل أن تدير العدلية الضابطة العدلية.

 

هل يجب كفّ يد ابراهيم وصليبا بانتظار انتهـاء التحقيق؟

 

الجواب ليس عندي. أنا نقيب محامين أضع إطاراً محدوداً لمقاربتي للملف من خلال احترام الأصول والإجراءات القانونية ونحن حريصون على ذلك إلى أقصى الحدود.

 

هل يجب أن ينتظر المحقّق العدلي انتهاء الآلية المعتمدة في مجلس النواب لرفع الحصانات أو المحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب؟ أم يستطيع أن يكمّل عمله؟

 

لديه الإختصاص. الإجراءات ترتبط بالنواب. غير النواب لماذا لا يحضرون؟ بدل أن يرفعوا الشعارات لماذا لا يسهّلون التحقيق. يستطيعون أن يحضروا أمام المحقق العدلي من تلقاء أنفسهم من دون انتظار البتّ بالحصانات إذا كانوا واثقين من براءاتهم.

 

هل يمكن أن يستقيل القاضي بيطار؟

لا يجب أن يفعل. ما لازم. هو عارف ليش جايي. شو هالحكي؟

 

إنه يتعرض للتهديد؟

القضاء اليوم أمام امتحان. إما أن يستعيد الثقة بنفسه ويعطي الثقة للشعب إما أن يكون مستقبل الوطن على المحك.

 

رهان تحسين صورة القضاء والوطن ملقى على أكتاف القاضي بيطار؟

أكيد هذا هو المطلوب. إذا أكمل في الملف يعطي أملاً للناس.

 

مضمون الملف واحد من صوان إلى بيطار؟

خلّينا نطلع من اسم الشخص ونقول المحقّق العدلي بغضّ النظر إذا كان صوّان أو بيطار. ذات الملف. ذات المضمون. ما بيسوى ينوضع هيك ملف بهيك تجاذبات سياسية واعتبارات مذهبية وطائفية ومصلحية. أكثر من 218 شخصاً ضحايا. 6000 جريح.

 

آلاف تشوهوا. موضوع كتير كبير ما بيحمل هالقدّ. علينا أن نخرجه إلى مكان أرحب إلى العدالة. كلّنا بدّنا العدالة. ما حـدا بدّو انتقام.