اختار نقيب المحامين الجديد ملحم خلف لحظة حساسة للإعلان عن نهجه المختلف على رأس احدى اعرق النقابات المهنية اللبنانية.
لم تكن إجراءات التسلم والتسليم بين خلف والنقيب السابق، الذي سحب تكليف محامي النقابة الدفاع عن موقوفي الانتفاضة اللبنانية، قد اكتملت عندما بُلّغ إلى النقيب الجديد خبر توقيف الناشطين في ساحة رياض الصلح ونقلهم إلى ثكنة قوى الأمن الداخلي. على الفور توجّه إلى المكان مع زملاء له وتابع الإجراءات ليطلع الصباح وقد أفرج عن الجميع.
كانت حركة خلف إشارة إلى الدور الذي ستلعبه النقابة في المرحلة المقبلة صوناً للحريات العامة ودفاعاً عن حرية الرأي والتعبير. هذا الدور الذي افتقدته النقابة سابقاً بعد تحولها إلى موقع للمحاصصة، بين قوى السلطة على اختلافها واتفاقها، فكان أن فقدت دورها الطبيعي كرأس حربة في الدفاع عن الدستور والقانون وتراجعت إلى مواقع مشابهة لتلك المواقع التي دفعت اليها مختلف الاطارات النقابية خلال سنوات التسلط السوري وما أعقبها من سنوات التسلط الفئوي والمذهبي.
جرت انتخابات نقابة المحامين في مناخ انتفاضة تشرين الجامعة ضد كل رموز الماضي الثقيل، وأظهرت مجرياتها أن قوى السلطة لم تتعلم شيئاً ولَم تغيّر في سلوكها، فأمرت أنصارها بانتخاب مرشح محدد لمنع آخر لا يلتزم بتوجيهاتها من الفوز، إلا أنها فشلت في إلزام أنصارها وصب المحامون جام غضبهم عليها بإيصالهم المرشح المستقل ملحم خلف الى موقع النقيب.
إنها تجربة مميزة وانتصار للرأي العام الرافض لإستمرار هيمنة فئات مستعدة لتبادل شتى اتهامات العمالة والفساد لكنها تتفق في لحظة امتحان المصالح على موقف واحد سعياً إلى إبعاد البدائل التي تشكل تهديداً لمصالحها. ولعل أهم ميزات تجربة نقابة المحامين أنها تفتح الأفق أمام قانون انتخابات نيابي جديد، غير معلّب، يتيح للناس أن يحققوا التغيير الفعلي، كما فعلت نخبتهم الثائرة في مجتمع المحامين.
يستحق المحامون نقيبهم وهو يستحق التحية لنقله النقابة من مبناها المحنط إلى شارع المواطنين.