من الممكن القول ان الفراغ الرئاسي بات يدور في حلقة مفرغة من المواقف والانتظارات للحراك والمبادرات الخارجية، خصوصاً في ضوء استقرار المواقف الداخلية على خيارات وطروحات رئاسية واحدة، في ظل عدم مبادرة أي فريق لتقديم أي تنازل من أجل ملاقاة الفريق الآخر عند منتصف الطريق. وفي الوقت الذي تتركّز فيه الأنظار على الأسبوع الثاني من شهر تشرين الأول الجاري، موعد وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، على أن يزور لبنان في الفترة نفسها موفد قطري رفيع المستوى، وفق ما هو متوقّع، دخلت الساحة السياسية في ستاتيكو من المراوحة السلبية بعد سقوط كل عمليات ومساعي التهدئة والتلاقي والحوار، بحيث بات الاستحقاق الرئاسي معلّقاً على توقيت حراك واجتماعات وبيانات اللجنة الخماسية، ولا سيما أن المبادرات قد اصطدمت كلها بالمعطيات الداخلية السلبية، وبرفض أي فريق لكل ما يُطرح من مساعٍ سواء داخلية أم خارجية، بصرف النظر عن الأزمات المتراكمة والتعقيدات التي باتت تنذر بمرحلة مالية أمنية صعبة، في حال استمرّ الشغور لفترة طويلة، بحيث يدخل عامه الأول في نهاية الجاري.
وعن هذا المشهد الرمادي، كيلا نقول سوداوي، ورداً على مَن يعتبر أن المعارضة المسيحية قد نجحت في وضع “الثنائي الشيعي” في مواجهة غير مباشرة مع اللجنة الخماسية، لاحظ عضو تكتّل “الجمهورية القوية” النائب ملحم الرياشي، أن هدف المعارضة لم يكن يوماً وضع أحد في مواجهة أحد، بل إنتاج رئيس جمهورية في أقرب فرصة ممكنة ليعيد انتظام الدولة والمؤسّسات.
وعما تنتظره “القوات اللبنانية” والمعارضة من المبادرة القطرية، قال الياشي لـ “الديار” انها جولة استكشافية واستطلاعية للمعطيات المحيطة بالواقع الداخلي والملف الرئاسي. أما عن الأسماء المتداولة والتي يحكى أن الموفد القطري قد طرحها في جولته، فأكد أن لا أسماء حتى الآن.
وهل من تقاطع بين الحراك القطري والمبادرة التي يقوم بها الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، أبدى اعتقاده أن الحراك القطري جزء من كل، وفي النهاية سوف تتقاطع أعمال اللجنة الخماسية نحو هدف واحد واسم موحّد.
وما إذا كنا أمام توجّه لتكرار تجربة اتفاق الدوحة مرة جديدة، يجيب: لا أعتقد، لأني أرى أن أي مساس باتفاق الطائف سوف ينسف بنية النظام بأكملها.
وعن الزيارة التي قام بها إلى الكرسي الرسولي في روما، ولقائه مع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، أشار إلى تعاطف كبير من قبل مسؤولي الكرسي الرسولي مع لبنان والشعب اللبناني، لكنه يأسف لعدم وجود مبادرة فاتيكانية في الوقت الراهن.
وعما إذا باتت رئاسة الجمهورية في مرمى الخارج والدول الأعضاء في اللجنة الخماسية، بعدما فشل الداخل في إنجاز تسوية داخلية، وجد الرياشي أن الرئاسة تبقى في المرمى اللبناني إذا ما شاء اللبنانيون، وأعتقد في جوهر الأمور أن لا حلّ للمسألة اللبنانية إلا بإعلان حياد لبنان الفاعل وضبط حدوده وانضباط أبنائه في كنف دولة سيدة تحترم دستورها وتُحترم من باقي دول العالم، فالحياد الفاعل هو الحلّ ولا شيء سوى ذلك.