IMLebanon

ذاكرة اغتيال رفيق الحريري ما بعد..بعد..عماد مغنيّة[1/3]

 

كصبيحة اليوم 12 شباط من العام 2008 كشف عند الساعة العاشرة أن الانفجار الذي سمع دويّه ووردت أخباره ليلاً استهدف عماد مغنيّة، القائد الحقيقي لحزب الله، بل ومؤسسه الفعلي في لبنان وسواه من دول العالم العربي، على الرغم من «العمائم» التي وضعت دائماً في صورة القيادة، وللمفارقة تزامن مرور سبع سنوات على مقتل مغنيّة، مع ما نشرته بالأمس صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركيّة وذكرت فيه أنّ    المتهم مصطفى بدر الدين اتصل بعماد مغنية لأخذ موافقته الأخيرة على تنفيذ عملية اغتيال رفيق الحريري، وللمفارقة أيضاً لم يحدث ما نشر أي صدمة عند اللبنانيين، بل دعاهم إلى التساؤل من هي الأسماء التي ستلي ما بعد، بعد، بعد اسم عماد مغنيّة، فوحدَه [مغنيّة]، ومهما علا منصبه في حزب الله لا يستطيع بالتأكيد اتخاذ قرار اغتيال بهذا الحجم؟! والتساؤل الأبعد من السؤال السابق: «من تولّى المناورة السياسيّة الكبرى لإبعاد التهم عن ذهن جمهور حزب الله، الذي «طار من الفرح والابتهاج بعد إعلان خبر اغتيال رفيق الحريري»، و»لضبضبة» هذا الجمهور، كان لا بدّ من إظهار الحزب أنّ صداقة وهميّة ربطت بين «القاتل والقتيل» تضليلاً للجميع…

اليوم، وفي 12 شباط بالتحديد، وبعد سبع سنوات على اغتيال مغنيّة، وعلى عتبة عشر سنوات على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أحيل القارئ إلى مقالة نشرت في هذا الهامش في 18 آب 2010، وحملت عنوان: «تحليل أنيس النقاش لاغتيال الرئيس الحريري»، في نهاية تلك المقالة طرحنا تساؤلاً شديد الأهميّة، وللأسف لم يتناول إلى اليوم بالدراسة والبحث السياسي، يومها تساءلنا وبوضوح: «هل كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري عائقاً أمام سقوط الثمرة العراقية في اليد الإيرانية؟! اليوم لم تعد الإجابة على هذا السؤال خطيرة أبداً، بل أصبحت واضحة وفجّة زيادة عن اللزوم، نعم كان الرئيس رفيق الحريري عائقاً أمام المشروع الإيراني في المنطقة، لم يُغتل رفيق الحريري من أجل استثمار اغتياله في العراق فقط، بل لاستثمار اغتياله في تنفيذ «احتلال إيراني» غير معلن للبنان، وتجلّى هذا الاحتلال يوم 8 آذار العام 2005، ولولا وضع اليد الإيرانية على لبنان لما تسنّى لمشروعها أن يتمدّد بالطول والعرض في المنطقة»!!

أُطْلِق دائماً على الرئيس رفيق الحريري وصف «رجل التسويات»، وعلى الرّغم من أنّ السياسة في النهاية مجموعة تسويات وإن تمّ التوصّل إليها عبر حروبٍ عالميّة، إلا أنّ نظرة على واقع العالم العربي والمنطقة تؤكد لنا أن الوصف الذي ينطبق على الرئيس الشهيد بعد مرور عشر سنوات على اغتياله هو»رجل الاعتدال» في زمن «داعش»، وزمن عجز «كتلة تيار المستقبل» عن «معاقبة» متطرّفٍ كالنائب خالد الضاهر ومن ماثله، فاكتفت بـ»قبول تعليق عضويته في كتلة المستقبل»، رحم الله رفيق الحريري الذي أعلن قبيل اغتياله أنه لن يقبل بالنواب الودائع للنظام السوري!!

في هذا الهامش تساءلنا مرّة في 10 تشرين الأول من العام 2012: «ما هو عدد وثائق الاغتيالات التي سنكتشف تورّط حزب الله فيها»، لن يكون الوقت طويلاً، فالانهيار ـ ولا نعرف إن كان نصرالله يعرف هذه المعلومة ـ يأتي دفعة واحدة ولا يحتاج لأكثر من بضع دقائق بل أقل من ذلك»، وفي 26 أيلول من العام 2013 كتبنا في هذا الهامش: «هل كانت الصحافة اللبنانية تنتظر صحيفة «نيويوركر»الأميركية وتحقيق الصحافي ديكستر فيلكينز  المطول عن قائد «فيلق القدس» في حرس الثورة الإيراني الجنرال قاسم سليماني وإدارته لعملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لينقل الجميع «ما كانوا يعرفونه منذ أعوام ولم يتجرأوا إلى إخراجه أو الإشارة إليه من قريب أو بعيد»!!

ما نشرته»نيويورك تايمز» بالأمس ليس سرّاً، ولكن الذاكرة اللبنانيّة القصيرة محتاجة دائماً لإعادة إيقاظها من كثرة ما يطبق عليها من أحداث، وفي غمرة ما يرزح تحته لبنان والعالم العربي من عبء الإرهاب الإيراني، غاب مشهد المحكمة الدوليّة عن ذهنه مع أنّه حاضر وبقوّة في يوميّات النقل المباشر!!