Site icon IMLebanon

رحمة بالمجتمع المسيحي يا جنرال

لا نريد حتماً أن ندفع العماد ميشال عون الى الهاوية، وإن كنا نختلف وإياه في أمور كثيرة وجوهرية، في النظرة الى لبنان ودوره وسبل بناء دولة القانون والمؤسسات. فإسقاط العماد عون بما يمثل، يزيد ما يسمّى احباطاً داخل ما يُطلق عليه المجتمع المسيحي، وربما زاد إضعاف المسيحيين وتشتّتهم. كما إن التجربة اللبنانية أثبتت أن ما من أحد قادر على إلغاء الآخر وأن لبنان لا يقوم الاّ على توافق ارتضاه آباؤنا وأجدادنا، فكانوا أكثر حكمة من الأجيال الجديدة التي تفتش عن جديد مجهول، لا رؤية فيه ولا رؤيا.

لكننا في المقابل لا نفهم المغزى من قول عون إنه يدافع عن هذه الحقوق المسيحية التي يسعى الآخرون الى قضمها. فالجنرال الذي رفع شعار التغيير والاصلاح، لم يقدم مثالاً، اذ لم يتقدم قيد أنملة في ما أعلنه من نية للقيام بعمل دؤوب في هذا المجال، وممثلوه في مجلس الوزراء إما أخفقوا في تحقيق انجازات، وإما انخرطوا في لعبة تقاسم المصالح، وباتوا شركاء في اقتسام الجبنة. وهو لم يعتمد خياراً واضحاً في قانون الانتخاب الأمثل، وعوض أن يكون حامي الدستور، بما يؤهله إلى أن يكون مؤتمناً على الأمة في رئاسة الجمهورية، تراه لا يطرح إلا مشاريع مخالفة للدستور، محاولاً تسويق مشروع حليفه، أي المؤتمر التأسيسي الذي يُرسي نظاماً جديداً لا يشبه لبناننا.

والعماد عون المدافع عن المسيحيين، أصاب المواقع المسيحية المتقدمة برصاصات كادت أن تكون قاتلة في محطات، فتهجم على البطريركية المارونية مراراً، وعلى رئيس الجمهورية قبل الشغور في موقع الرئاسة الأولى، وأخيراً على قائد الجيش، فأصاب المؤسسة التي حملته الى حيث يتربع الآن. والجنرال شخصياً ارتكب حروباً قضت على القوة المسيحية الأفعل أواخر الثمانينات، كما أضعفت الجيش وجعلته أسير الوصاية السورية التي اجتاحت وزارة الدفاع، في سابقة لم يقدم عليها حتى الإسرائيلي. وها هو اليوم يلوّح بالمواجهة مع الجيش، وبالنزول الى الشارع معتمداً سياسة الميليشيات التي طالما أعلن الحرب عليها.

اذا كنا، على رغم كل هذا التاريخ وتلك الممارسات، لا نتمنى للجنرال الانكسار، فإننا ندعوه الى إعادة النظر في مسيرته وتقويم تحالفاته وسياساته، رحمة بهذا المجتمع المسيحي الذي أنهكته الحروب والرهانات الخاطئة.