Site icon IMLebanon

الإستحقاق الممنوع

غادر رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا جان جيرو لبنان من دون ان يحقق أي تقدّم ولو بسيط على صعيد الملف الرئاسي غير ان فشله لم يثنِه عن متابعة هذا الملف لكي يُؤكّد على استمرار فرنسا في دعمها للبنان وحرصها على مسيحييه كدولة صديقة لهذا البلد ولن تتخلى عنها.

جيرو الذي سيزور الفاتيكان الأسبوع المقبل لوضعها في حصيلة لقاءاته مع القيادات اللبنانية ولا سيما مع القيادات المسيحية التي تتحمّل المسؤولية الأولى في تعثّر انتخاب رئيس جمهورية وبقاء الشغور في الرئاسة الأولى مُـدّة زمنية غير محسوبة عند الفاتيكان والغيارى على مصالح وحقوق المسيحيين وعلى وجودهم في المنطقة العربية ولو كان هذا الوجود في حدود «مرقد عنزة» على حدّ تعبير المثل اللبناني الدارج، ويحمل معه انطباعاً راسخاً بأن القيادات المسيحية تتحمّل وحدها مسؤولية بقاء هذا الشغور وذلك بسبب خلافاتها على اقتسام جبنة السلطة وما تبقى منها ولو كان ذلك على حساب الجمهورية ورئاسة الدولة.

فهذه الحصيلة سيبلغها الموفد الفرنسي إلى الفاتيكان الذي يولي هذا الملف اهتماماً كبيراً من موقعه في رأس الكنيسة وطلب من فرنسا بالنظر إلى علاقاتها الوطيدة مع اللبنانيين مسيحيين ومسلمين ان تضع كل ثقلها لحل ازمة رئاسة الجمهورية لأن بقاءها شاغرة تعرّض الوجود المسيحي في لبنان إلى الخطر، والكلام ذاته سيبلغه إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي بدوره يعترف بأنه حاول وبذل ولا يزال جهوداً مضنية لإقناع القيادات المسيحية بالاتفاق على مرشّح واحد يسدّ هذا الفراغ في الرئاسة الأولى فباءت كل مساعيه ومحاولاته بالفشل الذريع الأمر الذي جعله يرفع هذه القضية إلى الفاتيكان لكي يتولاها وينقذ المسيحيين من هذه الورطة التي يخشى معها ان تفلت رئاسة الجمهورية من يد المسيحيين وتصح مقولة البعض من أن الرئيس السابق ميشال سليمان هو آخر رئيس مسيحي في لبنان، وهو الانطباع نفسه الذي خرج به الموفد الفرنسي بعد لقاءاته مع القيادات المسيحية في 14 و8 آذار ما يعني اعترافاً منه بفشل مهمته في تحقيق أي خرق على صعيد الملف الرئاسي يمكن استخدامه لمواصلة جهوده لإنهاء هذا الملف والتسريع في العودة إلى انتظام المؤسسات الدستورية في لبنان والمحافظة في الوقت نفسه على المركز الأوّل في الجمهورية اللبنانية للمسيحيين.

قبل مغادرته بيروت بعد انتهاء مهمته أسرّ جيرو إلى أحد النواب المعروفين بعلاقاتهم الوطيدة مع فرنسا بأن ملء الفراغ في رئاسة الجمهورية لم يعد من أولويات القيادات المسيحية وليس هو من أولويات القوى الإقليمية ذات التأثير الواسع على الساحة اللبنانية كمثل إيران التي ابلغته عبر لهيان ان الانتخابات الرئاسية هي شأن لبناني وإيران لا تتدخل في شؤون لبنان الداخلية، وعلى فرنسا إذاً ان تعالج هذا الملف مع القيادات اللبنانية صاحبة الشأن وليس مع أي طرف إقليمي أو خارجي آخر. ويضيف جيرو لمحدثه انه فهم من ذلك ان إيران ليست الآن في وارد الطلب من حلفائها تسهيل عملية انتخاب رئيس الجمهورية بقدر ما يهمها بقاء هذا الملف عالقاً ليبقى لبنان واحدة من الأوراق التي بيدها لاستخدامها في مفاوضاتها النووية وفي تحديد دورها الإقليمي، وهذا ما تأكد له بعد اجتماعه إلى قيادات قوى الثامن من آذار بمن فيهم النائب ميشال عون الذي سألني ذات مرّة عندما كان منفياً في باريس عن ديغول وقيادته التاريخية لفرنسا. فهل تكون محاولة جيرو الأخيرة؟