بعد غد الأربعاء، ثمة جلسة جديدة لانتخاب الرئيس، لا يبدو أنها ستحظى بالنصاب المطلوب كالعادة، لكن ثمة مَن يراهن على تأمين عدد حضور أكبر من الجلسة السابقة، أي ما يفوق ٧٣ نائباً، عله يوفر المزيد من القناعات لدى المكابدين، بأن ما يسعون اليه، ليس سوى حلم ليلة صيف.
والمعضلة التي ستطرح نفسها بعد هذه الجلسة، تتمثل بالدعوة الى جلسات تشريعية لمجلس النواب، بمناسبة حلول دورته العادية، وقد بدأ حزب الله يطرح تشريع الضرورة منذ اليوم، بأمل من الوزير محمد فنيش أن تستجيب القوى السياسية لضرورات المصلحة الوطنية العليا، فيكون التعاطي مع انعقاد المجلس النيابي، كما هو التعاطي مع اجتماع مجلس الوزراء، أي بتخطي أولوية انتخاب الرئيس للضرورة التشريعية، بموازاة طرح معادلة اجتماع المجلس مقابل استمرار الاجتماعات الحكومية…
ولا شك أن الوزير فنيش يدرك سلفاً بأن حزب الكتائب على موقفه الرافض لمبدأ التشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية يلعب دوره في رد او نشر القوانين المشرعة، ومع حزب الكتائب هناك فرقاء في ١٤ آذار يذهبون في هذا الاتجاه، ما يعني استمرار لعبة الهروب الى الأمام في موضوع الاستحقاق الرئاسي، محاكاة للستاتيكو القائم في سوريا، الى ما بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، في تشرين الثاني المقبل.
وحتى هذا الاستحقاق، لا انتخابات رئاسية ستحصل ولا ملفات صعبة ستأخذ طريقها الى الحل، ولا الحكومة تصنع المستحيلات، أو حتى تستقيل، وحدها المعضلات الاقتصادية المتراجعة قد تزداد تراجعاً، بل وتقهقراً، ما لم تستطع الحكومة معالجة عتب الدول الخليجية الشقيقة، على ما يصفه الرئيس تمام سلام بالأخطاء المرتكبة باسم لبنان في مؤتمرات وزراء الخارجية العرب والمسلمين، وسيظل اللبنانيون عائشين تحت سقف اللادولة واللاقانون، الى أن تقضي القوى الاقليمية، المرتبطة بالاستراتيجيات الدولية أمراً كان مفعولاً…
على انه ثمة ثغرة طرأت على المسار الرئاسي المغلق، تمثلت بزيارة الرئيس سعد الحريري الى اليرزة واجتماعه بقائد الجيش العماد قهوجي، ثم به وبوزير الدفاع، ذلك اللقاء أطلق سلسلة تأويلات قريبة من منطقية الأسباب، على أن المعطى الرئاسي ظل غائباً، ومعه ردود فعل بعض الأسماء المطروحة، التي لبى المدعوون دعوتها، فقابلت حضورهم بالغياب…
وبالموازاة نجد أن زجاج العلاقة بين الرئيس نبيه بري وبين العماد ميشال عون، أصيب بكسر بالغ، الى الحد الذي جعل رئيس المجلس يهدد باسقاط الفدرلة ولو بقوة السلاح، رافضاً الذمية التي تحدث عنها العماد عون، مطالباً الجميع بأن يتحدوا تحت ذمية الدولة ومؤسساتها، ويتفقوا على رئيس مطابق للمواصفات الوطنية الجامعة.
ورداً طمأن العماد عون حليف حليفه بري بأنه في وجود العماد عون لن تكون له حاجة للسلاح لمواجهة الفدرلة أو التقسيم، أما تجاوز ارادة المسيحيين بعدم انتخاب من يمثلهم، فهذه ذمية بالمطلق.
والراهن انه في وقت كان العماد عون يتوقع من حزب الله الضغط على بري لدعم ترشيحه، اذا ببري يضغط على الحزب لانتخاب فرنجيه الآن وتحديدا قبل الحوار السعودي – الايراني، المرتقب، وعصفور باليد ولا عشرة على الشجرة. وتزامن هذا مع معلومات لمنسق ١٤ اذار الدكتور فارس سعيد، عن ابلاغ حزب الله الى الوزير جبران باسيل استحالة ايصال الجنرال الى بعبدا ويكمل المشهد قول الدكتور سمير جعجع: حزب الله لا يريد انتخابات رئاسية، ولا أعرف اذا كان الحزب يريد العماد عون حقاً!؟
الحقيقة ما زالت في علم الغيب، مَن مع مَن، ومَن ليس مع مَن؟ لكن الحقيقة تبقى كالشمس، التي هي الشمس، حتى ولو كانت غائبة