Site icon IMLebanon

ميركل وواجبها اللعين… ولبنان؟!

عندما استمعت الى المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل تقول لتلفزيون “آي أر دي”: “ان واجبي اللعين يتمثل في إيجاد حل جماعي لأوروبا ومعالجة أزمة اللاجئين”، تساءلت ومن الذي سيتذكر واجبه اللعين حيال هذه المشكلة سواء في الدول العربية، أو في لبنان الذي يتحمل وحده ضعفي ما تتحمله كل الدول الأوروبية مجتمعة ؟

فعلاً من الذي يتذكر واجبه اللعين بعد خمسة اعوام على الأزمة السورية، التي ضخّت الى لبنان ما يقرب من مليوني لاجئ، في حين تكاد أوروبا ان تتمزق وان تفقد وحدتها وتدمّر “روح شنغن” لمجرد دخول مليون من اللاجئين الى دولها الـ ٢٨؟

دعونا نتحدث في الأرقام. ان مساحة الدول الأوروبية أكثر من اربعة ملايين كيلومتر مربع وعدد سكانها أكثر من خمسمئة مليون ودخل الفرد فيها ٣٤ الف دولار سنوياً. في المقابل مساحة لبنان ١٠٤٥٢ كيلومتراً مربعاً وعدد سكانه خمسة ملايين تقريباً ومتوسط دخل الفرد فيه لا يتجاوز ٨ آلاف دولار، ولبنان يتحمل وزر مليوني لاجئ سوري مسجل وغير مسجّل، ويتحمل أكثر، أكاذيب المؤتمرات التي تعقدها الدول المانحة، التي تعدنا بتقديم مئات الملايين وخسائرنا تزيد عن ١٢ ملياراً ولا نتلقى أكثر من ربع ما يعدوننا به.

وتتحدث ميركل عن واجبها اللعين، ويكاد قلبها ينفطر من إمكان تعرض اليونان للانفجار اذا لم يتمكن الذين يصلون الى شواطئها من الجنوب الناري، من العبور الى الدول الأوروبية، التي بدأت مشاريع إقامة الجدران على الحدود بينها ترتفع في عواصم كثيرة، مهددة بتدمير ما أصِرّ على تسميته “روح شنغن”، أي ترجمة الحلم الذي جعل أوروبا كتلة دولية وازنة ومميزة، في عمقها الثقافي والحضاري والديبلوماسي وهو عمق لا يتوافر لا في أميركا المحلّقة في الفضاء ولا في روسيا الخارجة من الشيوعية وسواليل “الكي جي بي”!

فكرة السفر الحر والاندماج الحضاري الممتد من سواحل البرتغال على شاطئ الأطلسي الى الشفق القطبي في فنلندا، ومن جليد إيسلندا وينابيعها الدافئة الى سواحل بحر إيجه وشمسها الذهبية، هي “روح شنغن” الذي يجعل اوروبا شيئاً مختلفاً في هذا الموكب المعتوه.

ولكن ان يصبح كل هذا الإنجاز مهدداً بالانهيار، بسبب مليون لاجئ اندس في صفوفهم عدد من القتلة والإرهابيين والرفضيين، فذلك قمة الجنون والإنحياز الى الانغلاق، الذي كان واحداً من الأسباب التي أشعلت الحروب الأوروبية في الماضي.

وزير داخلية ميركل توماس دو ميزيير بات يضيق بسياستها الاستيعابية، اما رئيس وزراء المجر فكتور أوربان فلا يتوقف عن اتهامها بممارسة “أمبريالية أخلاقية”… صارت الأخلاق امبريالية؟

عندما سيجتمع الزعماء الأوروبيون في ٧ آذار الجاري في تركيا، لن يتمكنوا من تحمّل واجبهم اللعين… ولبنان اللعين ماذا تراه فاعلاً؟