يعود الرئيس تمام سلام من نيويورك محمّلاً بالوعود الدولية، ليجد بانتظاره المزيد من التعقيدات الداخلية المتطلبة حلولاً.
الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء، عقدة سياسية، ونزول التيار الوطني الحر الى الشارع، عنوان سياسي، مشوب بالمخاطر الأمنية.
ثمة من يرى ان الرئيس سلام أمام فرصة عليه انتزاعها، في موضوع جلسة مجلس الوزراء، من دون الاستغراق في التفكير، حتى لا يغدو بوسع كل وزير ان يفرمل عمل الحكومة، لمجرد عدم الاستجابة له بحق أو باطل، وأجواء رئيس الحكومة توحي بأنه مقتنع بهذا، وهو يحاول اقناع المقاطعين أو الجاهزين للمقاطعة، بأن المكابرة والمزايدات، ليست من يجب ان يصنع السياسة في بلد التعددية والتنوّع، القائم على فلسفة العيش المشترك. لكن البعض يفضّل ان تعلّق جلسات مجلس الوزراء إسوة بطاولة الحوار المعلقة، طالما ان الأسباب واحدة والمسبّب واحد، وريثما يقتنع المعنيون بأنه ما هكذا تورد الإبل، ولا بالتالي هكذا يحققون المرتجى. لكن من لم يقتنع بعد سنتين ونصف من الجدل والأخذ والرد، لن يقتنع أبداً…
الصورة في موضوع نزول التيار الوطني الحر الى الشارع أقلّ تشوّشاً، على المستوى الرسمي أقلّه، فالمصادر المتابعة تتحدث عن رسائل أمنية رسمية وجهت الى التيار، مؤداها ان النزول الى الشارع يدخل ضمن نطاق حرية الرأي، لكن ليس من حرية الرأي المسّ بحرية المواطنين أو التعرّض لأمنهم واستقرارهم، وعلى هذا فقد بات في علم المنظمين، ان أي خلل أمني يحصل، سوف يعالج بالشكل المناسب، ويتحمّلون هم المسؤولية عنه. ولا نقاش في هذا الشأن، لا سياسياً ولا أمنياً، فالاستقرار النسبي الذي ينعم به لبنان، وديعة دولية ومسؤولية وطنية.
وواضح ان هذا الموقف الأمني الجامع يحظى بتغطية حكومية ونيابية، وسياسية أيضاً، فحليفا العماد عون الرئيسيان، حزب الله والقوات اللبنانية، معه كمرشح للرئاسة، وليسا معه في النزول الى الشارع، والجميع مقتنع مع النائب مروان حمادة، بأن النزول الى الشارع لن يحلّ مشكلة الطامحين الى رئاسة الجمهورية، وتجفيل الناس بطروحات الانعزال، أو بالميثاقية العدوانية، لن يحوّل رفضهم الى قبول، ولا تخاض كل المعارك السياسية بسلاح الشارع، بل أحياناً الذكاء يكون كافياً…
وواضح للمراقبين ان لا انتخاب رئيس يوم ٢٨ الجاري، وبالتالي قد لا يكون من مبرّر لهزّ الاستقرار تحت هذا العنوان، خصوصاً وان الخبر اليقين الذي كان التيار ينتظره من الرئيس سعد الحريري، لم يصل في الموعد المأمول، وطبيعي أن لا يصل، بعد التهديد بالدخول الى ملعب جديد أو الى وهم آخر، والى ما أبعد من بعض الأقوال الانفعالية…
وتتحدث المصادر عن اتصالات على مستوى بعض المرجعيات لاحتواء الوضع، علماً ان هذه المصادر قرأت في العملية النوعية وغير المسبوقة للجيش في مخيم عين الحلوة أمس، والتي فازت بالقبض على من يوصف بأمير داعش في هذا المخيم الكبير، ما يطمئن الى ان الاستقرار القائم في لبنان سيكون محصّناً ضدّ الاهتزازات المحتملة، سياسية كانت أم أمنية…
ما حصل في مخيم عين الحلوة، كرّس عملياً ولأول مرة، إلغاء اتفاقية القاهرة مع منظمة التحرير الفلسطينية المعقودة عام ١٩٦٩، والتي فرضت على لبنان، ما يعرف بالأمن الذاتي للمخيمات، اعتباراً من الأمس، بات يمكن الحديث عن أمن مشترك أو أمن منسّق، المهمّ زوال الحصانات، من وجه السلطات الشرعية اللبنانية على أرضها، والمصلحة مشتركة، كما يرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس.