IMLebanon

الرسالة» وصلت!

 

بعد عشرة أيام من التظاهرات، امتدت وتمدّدت في 80 مدينة كبرى مثل مشهد وأصفهان ومدن كبيرة على مساحة إيران، كسر الرئيس حسن روحاني حلقة الصمت، مؤكداً «أن الشعب الإيراني له مطالب اقتصادية وسياسية واجتماعية». بهذا أسقط روحاني حصر المرشد آية الله علي خامنئي وحلقة المتشدّدين والمستفيدين سواء من جنرالات «الحرس الثوري» أو آيات الله «الخامنئيين»، كل ما يحصل بأنه جزء من «مؤامرة» «يستحق كل مَن يُشارك بها الحكم عليه بالإعدام».

 

المواجهة لم تعد محصورة في الشارع الإيراني. انتقلت المواجهة إلى قلب النظام. الأرجح أنها كانت تدور داخل الدواوين المغلقة فأصبحت الآن علنية وشعبية. هذا التحوّل يضخّ في الاحتجاجات كل ما يكفي للتصعيد الشعبي، ولتعميق الانقسام بين مراكز القوى. يوماً بعد يوم سيقع الفرز، حيث لا يمكن إخفاء المواقف، مع المواقف الشعبية، أو مواجهتها بمزيد من الاتهامات والقمع.

 

«الانتفاضة الخضراء»، فشلت لأنها بقيت محصورة بمطالب سياسية، بعد التزوير في نتائج الانتخابات، ولأنها لم تتمكن من الانتشار شعبياً خارج العاصمة طهران. في هذا الانفجار الشعبي، تتقدّم الاحتجاجات من «أحزمة الفقر» والطبقات والشرائح الشعبية التي تعاني من الأزمة الاقتصادية ولكن أيضاً من واقع اجتماعي يزداد يومياً صعوبة على الشباب ومستقبله وهو الذي يشكّل 75 في المئة من الشعب الإيراني.

 

لم يعد مقبولاً للإيرانيين الذين يعانون من البطالة، خصوصاً عند الشباب، أن يهيمن قادة «الحرس الثوري» وشرائح محدودة من الضباط على 50 في المئة من الناتج القومي، بحجّة بناء قوّة عسكرية قادرة على غزو أربع عواصم عربية والتحضير لتحرير القدس وفلسطين. التحوّل الخطير الذي خرج إلى «السطح» في إيران، هو حضور الجيش الذي بقي مهمّشاً ومحاصراً في ثكناته. الجيش لم يتقدّم لو لم يفرض نفسه، والتغيير واقع لا محالة وسيتم بدعم مشترك: من المؤسسة الدينية المستقلة والتي رفضت التسليم بـ«السلطة الخامنئية» عليها زائد الجيش وجزء وطني من «الحرس الثوري». الأساس في كل ذلك الحركة الشعبية النامية. وما ذلك كله، لأنه كما يقول روحاني: «لا أحد بريء».

 

خلال المقابلة الصحافية الممتازة والأولى من نوعها مع السيد حسن نصرالله التي أجراها الزميل سامي كليب، كان الحديث عن القدس وتحريرها. سأل الصحافي السيد نصرالله سؤالاً بريئاً جداً أتى على ذكر «فيلق القدس» الذي يتزعّمه الجنرال قاسم سليماني: «أين هو الفيلق من القدس الآن؟ وهل سنراه يوماً في القدس أم هو مجرد اسم وشعار فقط؟»، السيد نصرالله أجاب: «حين نتحدث عن الحرب الكبرى (مع إسرائيل) فإنه سيكون أساسياً فيها». إذاً، لماذا كل هذه الحروب في أربع عواصم عربية والتي تكلّف الخزينة وبطبيعة الحال الشعب الإيراني المليارات وهو الذي يعاني من البطالة والتضخم والنزول تحت خط الفقر؟ لقد تعب الشعب الإيراني من الحروب في غزة ولبنان وبطبيعة الحال في سوريا والعراق.

 

النظام الخامنئي، ولمواجهة صعود الاحتجاجات الشعبية التي بدأت انفجاراً يتطوّر يومياً مثل الزلزال القوي الذي تكون ارتداداته أقوى وأكثر تأثيراً، عمد إلى تضخيم الأخطار الخارجية. قبل أيام كان النظام نفسه يؤكد هزيمة «داعش» وانتصار «محور المقاومة» والتمهيد لإعلان طرد الولايات المتحدة الأميركية من الرقة، فإذا بـ«مذياع التشدّد» العلني للحرس عبدالأمير اللهيان يتحدث وكأن إيران في خطر:

 

* «واشنطن أنشأت سبع قواعد عسكرية في سوريا».

 

* «توجد غرفة عمليات عسكرية مشتركة بين القوات العراقية والأميركية».

 

* «السعودية عبر التدخّل الناعم تتقدّم في العراق».

 

وفي محاولة لإخافة الولايات المتحدة الأميركية وضمناً الشعب الإيراني، فإن نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أعلن أن «واشنطن قد تلغي الاتفاق النووي، ما سيُلحق بالمنطقة والمجتمع الدولي أضراراً كبيرة، ولن تعود منطقتنا أكثر أمناً». هذه الضغوط لن تفيد هذه المرّة في «إطفاء النار الشعبية» في إيران، لأن أسباب الانفجار متعدّدة، وإيرانية داخلية تطال أكثرية الشعب الإيراني.

 

شهر واحد يفصل إيران عن الاحتفال بالذكرى 39 للثورة. هذا الشهر سيكون صعباً جداً للجميع في إيران: نظاماً وشعباً. لا يمكن وأد الانفجار الشعبي، والصدام المفتوح في الشوارع قد يُنتج «سورنة» إيران، التي لن تفيد أحداً في المنطقة. الأرجح أن ذلك سيكسر الحدود. الخطوة الأولى يجب أن تكون من المرشد خامنئي. الاعتقالات لن تفيد. والتهديدات لن تطفئ النار. الاعتراف الرسمي بأنه تم إلقاء القبض على «القيادات» يعني اعترافاً ضمنياً بأن الانفجار الشعبي يتّجه نحو الانتظام في انتفاضة كبرى.

 

نشرت قوى معارضة وطنية وليبرالية أمس «رسالة» كان قد وقّع عليها مهدي بازركان وشاهبور بختيار وفروهار موجّهة إلى الشاه بهلوي، حول الوضع في إيران والمطالب الشعبية المحقّة للخروج من الأزمة وذلك قبل الثورة بعقود. لم يسمع الشاه بهلوي المطالب الإصلاحية، فكان أن أسقط الإمام الخميني نظامه.

 

فماذا عن آية الله علي خامنئي؟