IMLebanon

رسالة «شبه النصاب» إلى المعطّلين!

يصلح «شبه النصاب»(75 نائبا من أصل86) الذي شهده مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي، لأن يشكل رسالة ذات معنى الى معطلي انتخاب رئيس الجمهورية منذ 21 شهرا، من خلال منع اكتمال النصاب. هذا المعنى هو أن توفير النصاب، وبالتالي انتخاب الرئيس في الدورة الثانية من الاقتراع، لم يعد بالأمر المستحيل. 

رسالة الى من يعنيه الأمر، اذا كان هناك من لا يزال يعنيه أمر الناس والدولة.

ومن دون الدخول في التفاصيل، أي عدد النواب المتغيبين من خارج جبهة التعطيل المعروفة وإمكان حضورهم في أي موعد آخر لجلسة أخرى، ففي الرسالة أيضا أن من حضروا بالأمس لم يريدوا سابقا ولا يريدون الآن ادخال البلاد في دوامة التحدي والتحدي المضاد، ولا حتى التلميح الى أنهم يشكلون الأكثرية النيابية عدديا من ناحية، وسياسيا بمعنى تمثيل رغبات الرأي العام اللبناني من ناحية ثانية.

ولذلك، فهم بأكثريتهم الكبيرة هذه انما اكتفوا، مرحليا على الأقل، بالوقوف عند حدود ما قاموا به وما قالوه في تصريحاتهم…لعل في الطرف الآخر من يسمع ويفهم! 

أكثر من ذلك، فما قيل على الدوام عن الحاجة الى توافق لبناني حول رئاسة الجمهورية، والخروج من لعبة «فلان أو لا أحد» التي لم تعد تقنع أحدا ان في الداخل أو الخارج، عبر عنه مجددا الرئيس سعد الحريري عندما وصف ترشيحه النائب سليمان فرنجية للمنصب بأنه «تسوية» لإنقاذ البلد أكثر من أي شيء آخر. لكن وللأسف، لم يرد الطرف الآخر(«حزب الله» والتيار «الوطني الحر») على هذا الطرح سوى بالمزيد من الجمود عند الموقف نفسه على الرغم مما يعرفه الجميع عن علاقة فرنجية السياسية والتاريخية بالحزب.

لكن هل تنفع الرسالة غير المشفرة، والعملية من خلال كثافة الحضور الى المجلس، هذه المرة؟.

لا دليل على ذلك بعد. الا ان ما يمكن قوله أن 21 شهرا و36 جلسة مقررة للانتخاب من دون أن تؤدي الى زحزحة المعطلين عن موقفهم، قد كشفت بما لا يدع مجالا للشك ماذا يحضر هؤلاء في الخفاء: عدم انتخاب رئيس بالمطلق، ليبقى البلد معلقا بين الموت والحياة، أو دفع اللبنانيين بالقوة الى فقدان البقية الباقية من الثقة بدولتهم…واذا بأن يبقى لهم وطن في أي حال، على نسق ما يتم التعامل به مع شعوب كل من سوريا والعراق واليمن منذ سنوات.

ذلك أنه لا معنى مفهوما (بينما لبنان على ما هو عليه) للعودة الى نغمة «الحرب الدائمة» مع إسرائيل، والتهديد بما سمي «الانفجار النووي» في حيفا، فضلا عن افتعال معارك مع السعودية وغيرها من دول الخليج العربية، الا معنى محاولة الهروب من استحقاقات لبنانية جدية ومصيرية يريد المعطلون عدم كشف أوراقهم فيها في الفترة الحالية.

وعندما يطرح مرة «المؤتمر التأسيسي» ثم يتم التنكر له، وأخرى «السلة المتكاملة» ثم تسحب كذلك من الخطاب السياسي، وثالثة «تهدئة الوضع في الداخل والتقاتل في الخارج» ثم تحويلها من دعوة مفتوحة للبنانيين الى دعوة للسعوديين والخليجيين، يكون التذاكي في محاولة الهروب هذه قد بلغ درجة لم يعد جائزا لأصحابه أن يستمروا في عدم احترام عقول الآخرين بعدها.

في الموازاة، عندما يخط أحد المعطلين لافتة بعنوان «الرئيس القوي» ثم يقف تحتها، كما يتغطى بلافتة ثانية مكتوب عليها عبارة «النأي بالنفس» ليحاول في ما بعد تأويلها بالطريقة التي تخدم مصالحه، في الوقت الذي يطالب به مجلس النواب بانتخابه ثم يصفه بأنه غير شرعي بسبب التمديد له، ويرفع في المقابل شعار حرية النائب في حضور الجلسات أو عدم حضورها، يكون التذاكي إياه قد وصل بدوره الى ذروته…حتى لا نقول الى عكسه تماما.

ما يبقى هو السؤال: هل وصلت رسالة «شبه النصاب» الشرعي، المحدد بالثلثين +1، لمجلس النواب، و»شبه الجلسة الرسمية» لانتخاب رئيس الجمهورية، الى من يعنيهم الأمر هذه المرة؟.

ليس مؤكدا بعد، أو أقله حتى الآن.

كما ليس مؤكدا بدوره، أو أقله حتى الآن كذلك، ما اذا كانت ستفهم على حقيقتها في حال وصولها. أما السبب فهو هو: لا يريدون رئيسا، وحتى لا يريدون دولة من أساسها.