فرضت عطلة نهاية الأسبوع، نوعا من الاجازة السياسية القسرية، مع ترحيل الملفات على اختلافها إلى الأسبوع الطالع، خاصة أن لا جديد فيها، على حدّ قول اوساط سياسية متابعة، وسط ترقب لاجتماع كيري ولافروف في روما لبحث ملفات المنطقة، تزامنا مع انطلاق الجولة المكوكية لرئيس دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية من طهران وتشمل الرياض وموسكو وواشنطن، والتي على ضوء نتائجها سيحدد مصير «المبادرة» الدولية ، وتاليا مسار الاستحقاق الرئاسي في المرحلة المقبلة، فيما الدعم الفرنسي للبنان تجلت معطياته في تأكيد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على انطلاق الدعم للجيش اللبناني في ضوء هبة الثلاث مليارات دولار المقدمة من السعودية.
وفيما المواقف السياسية كلها تصب في خانة السعي لتشكيل مساحة «تلاق وحوار»، تضاف الى تلك المنتظرة على خط المستقبل – حزب الله، وعون – جعجع، اطل رئيس حزب الكتائب امين الجميل من الجنوب، في زيارة – ينتظر تردد صداها على الساحة الداخلية بحسب مصادر مسيحية، مشكلة طبقا دسما على المائدة السياسية، لافتة شكلا ومضمونا وتوقيتا، بحضور «نوعي» لامل وحزب الله، ناجحا في كسر الاصطفافات، مقدما نفسه لاعبا على خطوط الوسط، قادراً على التواصل مع الآخر، مثبتا قدرته على الحركة على مساحة الجغرافيا اللبنانية من الشمال الى الجنوب، واضعا مواصفات الرئيس المطلوب، وسط تحدي مصادر معراب المستعدة للتصويت «للعنيد» في حال نال دعم حزب الله، ما يعني عمليا الثامن من آذار.
فحركتا الداخل والخارج المتقاطعتان عند حماية الاستقرار وتحييد الساحة الداخلية عن تداعيات الحرائق الاقليمية الملتهبة، والتي بدأت تدق الابواب اللبنانية من جهة، ومحاولة كسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها المعادلة الدستورية – السياسية المانعة حتى الساعة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، تبدو انها «بلا بركة»، برأي المصادر، على ضوء ما افضت اليه الحركتان الروسية والفرنسية. علماً ان الاسبوع الحالي سيشهد محطة مهمة لنائب الامين العام للأمم المتحدة يان الياسون الذي وصل الى بيروت في زيارة تستمر ليومين يلتقي خلالها كبار المسؤولين اللبنانيين، تتخللها مشاركته في إطلاق خطة الاستجابة لأزمة لبنان للسنتين 2015 و2016 التي تسعى الى التعامل مع أثر وجود اللاجئين السوريين في البلاد.
غير ان الهزات الموضعية التي تشهدها البلاد، تؤكد ضرورة الإسراع في سحب فتيل الاحتقان المذهبي ومحاولة ملاقاة المناخ الدولي الضاغط لإنهاء الفراغ الرئاسي بحوارات داخلية، تختلف اجنداتها لتتوزع على ثلاثة محاور بحسب المصادر المسيحية:
– الحوار المنتظر بين بيت الوسط وحارة حريك، الذي ينتظر الولادة القيصرية لجدول اعماله القائم على قاعدة الحد من الاحتقان السني – الشيعي والتفاهم المبدئي حول الملف الرئاسي، على يد «الاستاذ»، رغم حادثتي حصار عرسال واشتباك المعلومات – سرايا المقاومة، اللذين يحتمان الاسراع في انطلاقه.
– الرسائل المتبادلة بين العماد والحكيم ، حيث تبرز في هذا السياق المساعي «على الموجة» نفسها لعقد لقاء ثنائي بين الرجلين جعجع وعون تحت مظلة البطريركية المارونية، جدول أعماله بند وحيد هو «الرئيس التوافقي»، الذي لم يَبْلغه عون بعد، مستفيداً من اتكائه على التحالف مع حزب الله الذي لا يبدو حتى الساعة مستعجلاً بتّ الملف الرئاسي.
– التواصل بين الكتائب والثنائي الشيعي، الذي ظلل جولة الجميل الجنوبية، والاستقبال السياسي اللافت الذي لقيه الجميل في دارة المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب، وزير المال علي حسن خليل، وحضور نائب حزب الله علي فياض الذي رحّب برئيس حزب شكل «ميزان استقرار على مدى عقود،على الاخص في منطقة مرجعيون – حاصبيا»، اعتبره البعض ردا على تجاهل وزير الخارجية جبران باسيل لاحزاب ووجهاء المنطقة خلال زيارته لها، وان كان حمل رسائل بالجملة الى قوى الرابع عشر من آذار قد تحتاج وقتا لفك رموزها وبيان اسرارها، كما الى الرابية التي اشارت مصادرها ان الرد سيكون في صناديق الاقتراع الجزينية، في مقابل محاولة رئيس الجمهورية الاسبق إحداث «اختراقات» في صفوف فريق الثامن من آذار تمهد له الطريق لاعتماده من قبل حلفائه مرشحا طبيعيا بديلا لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
الاكيد ان الانفتاح الكتائبي جنوبا اعاد خلط الاوراق السياسية بحسب المصادر، على الساحة المسيحية كما الوطنية. فهل ينجح الرئيس الجميل هذه المرة ايضا في لمّ شمل عون وجعجع ضده في اعادة لعقارب الساعة الى عام 1988 يوم توحد الخصمان في وجه الرئيس المتهم بالسعي للتمديد يومها؟ ام تنقلب الآية في الـ 2014 فيسقط الاتفاق الثنائي بتحالف ثلاثي جديد يبدأ من بكفيا مرورا ببيت الوسط وصولا الى الحارة وما بعدها من دمشق الى طهران فالرياض؟