IMLebanon

مكاتيب جنبلاط وأجوبة عون

إختار رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط المهمة الأصعب، وهي إقناع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بالتنازل لحَلحلة عقدة الملفّ الرئاسي، لأنّ انسحاب الجنرال مستحيل بلا مقابل دَسِم.

يعلم جنبلاط جيداً أنّ انتخاب رئيس الجمهورية خرجَ من أيدي اللبنانيين، وهو كما كان على مرّ العهود السابقة، مسألة تتداخَل فيها العوامل الإقليمية والدولية، لتُنتِج رئيساً ببَركة لبنانية، يبصُم عليها نواب الأمّة، وأقصى ما يقومون به هو الاستماع الى خطاب قسم الرئيس الجديد. لكنّ جنبلاط لا ييأس، ويحاول السير بين نقاط الاستحقاق، مع أنّ الضباب يحجب الرؤية.

بعد زيارة زعيم المختارة الرابية، ورَدّ الجنرال الزيارة بالمِثل في كليمنصو، بعثَ جنبلاط برسالة الى عون عبر وزير الزراعة أكرم شهيّب تتعلّق بالوضع الأمني والسياسي، نظراً الى دقّة المرحلة. ولأنّ جنبلاط يعلم أنّ عون يستطيع عرقلة التفاوض أو المقايضة في شأن العسكريين المخطوفين في مجلس الوزراء، إذا ما قرَّر الإعتراض، فقد أراد تطمينات منه، خصوصاً أنّه يؤثّر في الحكومة وبعض مراكز صناعة القرار.

وفي الشقّ الرئاسي، يحاول جنبلاط التفاوض مع عون، ويقول له إنّ مرشّحه هو النائب هنري حلو، ويملك 11 صوتاً، فلماذا لا نصوغ تسوية ما تحفظ حقوق الجميع؟ لكن الردّ لم يأتِ بعد، والرابية تدرس الرسالة، مع العلم أنّ عون كان ممنوناً منها، ويقدّر عالياً موقف جنبلاط الذي أكّد حقه في الترشّح كزعيم لأكبر كتلة مسيحيّة.

الى ذلك، تكشف أوساط مطلعة لـ«الجمهورية»، أنّ «جنبلاط يصرّ في المجالس السياسية وفي مجالسه الخاصة، على طرحه القاضي بقبول عون مرشّحاً توافقياً لمدّة سنتين، تُجرى خلالها الانتخابات النيابية. فمن جهة تُحلّ عقدة الرئاسة، ومن جهة أخرى، يتمّ إرضاء الجنرال، وهذا الأمر بَحثه الرجلان خلال الزيارتين، لكنّ عون لم يقبل ولم يرفض».

ويرى جنبلاط أنّ عون لن يتزحزح عن ترشيحه، والقبول به رئيساً لسنتين يكسُر حدّة الاصطفافات، وهو أكثر الذين واجهوه، ووصَفه بـ»تسونامي»، لكنّ كلفة مواجهته كانت أكبر بكثير من كلفة الاتفاق معه. إضافة إلى أنّ أجواء التبريد الإقليمية والتقارب بين السعودية وإيران قد تساعد تيار «المستقبل» بالقبول بهذا الطرح، علماً انّ «حزب الله» يرضى بما يوافق عليه الجنرال.

إلاّ أنّ هذا الطرح يواجَه برفض عارم من الزعماء الموارنة الآخرين، إذ إنّ الموارنة لن يقبلوا بأيّ تسوية على حساب المركز واستمرارية الحكم الرئاسي وتقصير مدّة الولاية التي حدّدها الدستور بـ6 سنوات غير قابلة للعزل، إلّا في حالات الخيانة العظمى أو الوفاة. وسيُصعِّب عدم نضوج التسوية الإقليمية أيضاً فرَص وصول عون الى الرئاسة.

وسط كل هذه الضوضاء، يتشبّث عون بترشيحه، وهو لا يقبل البحث في مرشّح سواه، وعندما يطرح أيّ إسم جديد يرفضه رفضاً مطلقاً، ويقول لزوّاره: «أنتظر أن يأتيني الجواب اليقين من الجميع لماذا لا تريدونني رئيساً؟ مُرفَقاً بالأسباب الموجبة للرفض، علماً أنّني أمثّل أكبر كتلة مسيحية، وأنا مشروع رئيس توافقي».

لذلك، وعلى رغم إعلانه الانفتاح على الحوار الرئاسي، إلّا أنّ عون يقول إنه «يريد مكتسبات لقاء تَخلّيه عن الرئاسة، وأن يكون صاحب الكلمة الفَصل عندما يُقرّر تسمية رئيس سواه، فالجميع يأخذ حقوقه إلّا المسيحيين».

وعليه، يحتاج رئيس الجمهورية الى عملية قيصرية ليولَد، لأنّ كلّ الأبواب مقفلة، والعين والعضلات الدولية تركّزان على محاربة الإرهاب وضَرب تنظيم «داعش»، إلّا إذا فَتحت مبادرة جنبلاط ثغرة في جدار الحلّ الرئاسي.