Site icon IMLebanon

رسائل زيارة قائد الجيش لقيادة القوات الدولية

 

بين عواصف نيويورك، بداية من الجدل الذي ساد اروقة مجلس الامن على خلفية التمديد لقوات الطوارئ الدولية وفقا لمندرجات القرار 1701، وليس نهاية بالمواقف الدولية التصعيدية في الهيئة العامة للامم المتحدة، وبين رياق «الانتصار» التي اعلنت دخول لبنان مرحلة جديدة مع تطهير الجرود الحدودية من الارهابيين، حط قائد الجيش العماد جوزاف عون في الناقورة فارضا معادلة جديدة عنوانها عسكري ومغزاها سياسي، زمانا ومكانا.

واذا كان الكثيرون قد تفاجأوا من الخطوة «العونية»، الا ان الذين يعرفون القائد جيدا يدركون بما لا يرقى اليه شك الحس الكبير الذي يتمتع به القائد والادراك الواسع للمخاطر المتربصة بالبلد والتي صارح بها على الملأ للبنانيين جميعا في اطلالتيه «الشعبيتين» في يوم عرس شهداء الجيش وفي تكريم القطع والوحدات التي شاركت في عملية «فجر الجرود»، واعدا بالبقاء في جهوزية عالية لمواجهتها والانتصار عليها، على الجبهتين الجنوبية والداخلية.

فابن الجنوب الذي خدم عند الحدود قبل ان ينتقل الى عرسال، يعرف جيدا دقة الاوضاع على تلك الجبهة في ظل التطورات الاقليمية وموازين القوى المتنقلة، من هنا كان قراره بالزيارة الى قائد القوات الدولية، الذي تربطه به علاقة «صداقة»، موصلا اكثر من رسالة الى اكثر من جهة لعل ابرزها:

-الى اسرائيل المنهكة بمناوراتها لتذكيرها بأن عين الجيش ساهرة على الحدود الجنوبية وهي ترصد اي تطورات وجاهزة للرد وفقا لمقتضيات المرحلة، كما اثبتت منذ ايام مع تفكيكها جهاز الرصد والتنصت.

-الى المجتمع الدولي، للتأكيد ان قيادة الجيش ملتزمة بالكامل تطبيق مندرجات القرار 1701 وفقا لبيان الحكومة الوزاري، وان اليرزة وفت بوعدها باعادة الوحدات التي سبق ان تم سحبها، بالتوافق مع القوات الدولية، من جنوب الليطاني نتيجة الضغط الذي حصل سابقا على الحدود الشرقية، وتأمين انتشار اوسع يسقط اي حجج اومبررات اسرائيلية.

-الى القيادة الدولية، للتأكيد على أهمية رفع نسبة التعاون والتنسيق بين الطرفين، خصوصا ان تلك القوات تقدم الى جانب انتشارها على الحدود دعما لوجستيا للجيش من خلال المساعدات التي تقدمها،كما انها تشارك في تقديم العون للقرى الحدودية على انواعه، لتحقيق التنمية ورفع المستوى المعيشي وتثبيت الاهالي في ارضهم.

-اما الرسالة الابرز فالى الداخل اللبناني، حيث تأكيده للبنانيين جميعا انه بات لديهم جيش قوي وقادر على مواجهة اي عدو بعدما حقق انجاز فجر الجرود، فكما هو مسؤول عن حماية الحدود الشرقية هو كذلك حاضر على الحدود الجنوبية لرد أي عدوان بالتعاون مع القوات الدولية.

ودعت اوساط سياسية متابعة للاوضاع المسؤولين اللبنانيين الى وعي مخاطر المرحلة، لجهة السير بين الالغام الاقليمية وتعزيز الغطاء الدولي الضامن للاستقرار على الحدود، وقطع الطريق على اي مغامرة اسرائيلية غير محسوبة تجلب الويلات على لبنان في لحظة انشغال دولي.

من هنا ترى الاوساط ان قائد الجيش يتعامل بحكمة وحنكة مع المعطيات المتوافرة موازنا بين حاجات السلم الاهلي ومقتضيات التعاون الدولي، على غرار تعامله مع ملف «فجر الجرود»، مستفيدا هذه المرة من العلاقة الممتازة التي نجح ببنائها مع قيادة قوات الطوارئ الدولية خلال فترة توليه لمسؤولية حفظ الامن جنوب الليطاني كقائد للواء التاسع، الامر الذي اعطى دفعا ايجابيا الى الامام للعلاقة بين الجيش والقوات الدولية مع وصوله الى اليرزة، وهو ما سيكون له تاثير فاعل على الاحداث وضبط اي خلل قد يحصل على الحدود الجنوبية.

ليس من الصدفة والغرابة ان تتزامن زيارة القائد للجنوب مع اصدار المجلس الدستوري قرار «طوق النجاة» للسلطتين التشريعية والتنفيذية للهروب من التزامات السلسلة،التي اعادت بعض الحقوق الى موظفي القطاع العام ومن بينهم العسكريين، لتأتي الزيارة بمثابة تطمين الى اللبنانيين بان الجيش لن يتوقف عند الظلم اللاحق به وهوسيستمر بمهامه وفقا لاي ظروف كانت وفي مواجهة كل الاعداء ان في الداخل وعلى الحدود.