IMLebanon

غالاغر في لبنان: زيارة بلا أبعاد سياسية أو مبادرة

 

نقل رسالة من عون إلى البابا فرنسيس

 

 

في الوقت الذي يحتل لبنان صدارة المتابعات وتتوالى بشأنه المبادرات منذ انفجار المرفأ وحتى الامس القريب، حضر أمين سر الكرسي الرسولي للعلاقات بين الدول المونسنيور ريتشارد بول غالاغر في زيارة لا ترتدي ابعاداً سياسية او رسالة دعم بالمعنى المباشر، وانما مجرد دعم معنوي للبنان لم يروِ عطش المسيحيين الآملين في تطلع الفاتيكان الى وضعهم وتقديم مبادرة ما على خط معالجة الازمة، وهو المعترف بـ»ان لبنان يستحق عناية استثنائية، لكنه اكتفى بنقل «رسالة دعم روحية للبنان» و»صلوات الاب الاقدس البابا فرنسيس وأطيب تمنياته لشعبه الذي يواجه تحديات جمة».

 

على اهميته، فإن هذا الكلام لم يروِ عطش المسيحيين، ولم يخرج ممن التقاه من المسؤولين عن اطار التساؤل عن هدف الزيارة والغاية منها فأطلق العنان للتحليلات التي اضفت على الزيارة بعداً اكثر مما تحتمل، وان كانت اتت بينما يقبل لبنان على استحقاقين بالغي الحساسية. وان كان البابا فرنسيس خصّ لبنان في حزيران الماضي بنهار صلاة على نية خروجه من ازمته، فان مبادرات الفاتيكان توقفت عند هذا الحد بينما لا يزال لبنان ينتظر زيارة وعد بها البابا فرنسيس لم يحسم توقيتها بعد.

 

لم تندرج زيارة غالاغر، في اطار الزيارات الرسمية لانها لم تسند الى دعوة رسمية، ولم يأتِ حاملاً رسالة واضحة من الحبر الاعظم البابا فرنسيس الى رئيس الجمهورية. كان الهدف الاساسي من زيارته المشاركة في احتفال يقام في جامعة الكسليك احياء للذكرى الـ25 لزيارة البابا يوحنا بولس الثاني الى بيروت. خلال جولته على المسؤولين لم يخرج عن اطار المواقف العمومية حتى يمكن القول ان زيارته حمّلت اكثر مما تحتمل، من حيث الهدف والغاية قبل الزيارة وبعدها.

 

خلال زيارته بعبدا أكد مبدئية زيارة البابا فرنسيس الى لبنان لكنه ابقى على التوقيت معلقاً، فهل ستكون الزيارة في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون ام بعد انتهاء عهده؟ وفق ما ألمح، الفاتيكان لا يحبذ الزيارات خلال الفترات الانتخابية ويفضل لو تحصل إما قبلها أو بعدها، فهل سيسمح الوقت الفاصل عن الانتخابات النيابية في آذار المقبل بترتيب زيارة لشخصية من هذا الحجم، أم انها سترجأ ايضاً الى ما بعد الانتخابات الرئاسية كي لا تفسر على انها محاولة لتدخل الفاتيكان في الاستحاقاق الرئاسي؟ بين «الرئاسية» و»النيابية» متسع ضيق من الوقت قد يرى الكرسي الرسولي ان ظروف لبنان لن تسمح بالزيارة، ويتجنب إلقاء تفسيرات سياسية بعيدة عن الهدف الاساسي للزيارة.

 

أما في ما يتعلق بدعم لبنان فقد قال الضيف كلاماً مبهماً عن وضع المسيحيين وضرورة الحفاظ على وجودهم حتى انه لم يبادر الى الدعوة للحوار، وانما ابدى استعداد الفاتيكان في جواب على سؤال لدعم الحوار بين اللبنانيين. اي انه بقي في العموميات ولم يقل ما يمكن فهمه على انه رسالة بابوية تخص المسيحيين، وظهر كرجل سياسي يتحدث من موقع النصح للمسؤولين بعمل اصلاحات يدعم الفاتيكان حصولها. لم يأت على ذكر ملف النازحين السوريين خلال لقاءاته بينما لم تصب اجابته على سؤال صحفي في اطار دعم عودتهم الى بلادهم، وانما ربط العودة بالاتفاق الدولي وهو موقف يعبر عن تأييد غالاغر لفكرة استمرار تواجد النازحين في بلدان تواجدهم.

 

وعلم من مصادر السفارة البابوية ان المونسنيور غالاغر تسلم من رئيس الجمهورية ميشال عون رسالة الى البابا فرنسيس لم يكشف عن مضمونها، وفهم من مداولاته واستفساراته وكأنه في زيارة استطلاع من اجل المرحلة المقبلة حيث المنطقة مقبلة على جملة استحقاقات ومتغيرات. فهل يشعر الفاتيكان بوجود خطر ما على وضع المسيحيين في لبنان بالنظر لكثافة الهجرة المسيحية الى الخارج، ام ان هناك تسويات مقبلة على مستوى النظام فحضر مستطلعاً امكانية معينة حول تموضع لبنان وتطور نظامه في الآتي من الايام؟ وما هو موقف الفاتيكان من دعوة البطريرك الراعي الى مؤتمر دولي من اجل لبنان، يجري العمل عليه منذ تموز العام 2020 وقبيل انفجار المرفأ، فهل يؤيد الفاتيكان مثل هذه الدعوة؟

 

أسئلة كثيرة تطرح انما الأكيد ان الفاتيكان، ضمناً، لم يعد يهادن «حزب الله» بدليل ما يعبر عنه صانعو القرار في السياسة الخارجية وعلى رأسهم غالاغر، المتحمس للتفاهمات مع اسرائيل. خلال لقاء عقده مع مسؤولين لبنانيين في العام 2019 اعتبر ان «حزب الله» تحول الى عامل سلبي في لبنان، ودعوته اليوم المسؤولين للتوقف «عن استخدام لبنان والشرق الأوسط من أجل المصالح الخارجية». راجياً من الرب القدير ان يثبّت خطوات لبنان على طريق التعافي والتعاون والمحبة».