IMLebanon

عندما يستغيث فهمي

 

ليست العلاقات اللبنانية العربية بخير، وعلاقاته بدول العالم الأخرى ليست على ما يرام. فهنا وهناك لم تبق حكومة أو منظّمة إقليمية ودولية، إلّا وانتقدت ووبّخت السلطة السياسية في لبنان، وأجمع هؤلاء على تحميلها مسؤولية الإنهيار الذي يعيشه البلد.

 

في الداخل بات ذلك أمراً تقليدياً. الناس يتّهمون أولياء الكراسي، والهيئات الشعبية والاقتصادية والنقابية تشير اليها كمسؤولة عن إيصال لبنان إلى ما وصل اليه. والجميع وجد في انتفاضة 17 تشرين تعبيراً عن نقمته، ويجد اليوم في بكركي صوتاً صارخاً لم يتردّد في وصف الطاقم الحاكم بسلطة احتلال تتحكّم بشعبٍ مُسْتَعْبَدْ.

 

مع ذلك يستسيغ الطاقم إياه الاستمرار في قهر اللبنانيين وتخويفهم. السيد حسن نصرالله يهدّدهم بحرب أهلية، ووزير داخليتهم محمد فهمي بالاغتيالات والفلتان الأمني. لكن أياً من الممسكين بالسلطة لا يعمل لمعالجة الأسباب ولا لتسريع الحلول وأولها تشكيل حكومةٍ صارت معروفة المواصفات والمهام.

 

هؤلاء جميعاً يطلبون دعم العرب والعالم ويشتمونهم في الوقت نفسه. يتّهمون صندوق النقد بالسعي لإفقار الجماهير وهم سبقوه في رميها على الحضيض، ويستغيثون بالعالم العربي ويهدّدون بتدمير “مدنه الزجاجية”. انّها الشيزوفرينيا السياسية بأبهى حللها، وما خطاب فهمي أمام وزراء الداخلية العرب الا انموذج بسيط لتجلّياتها.

 

استغاث فهمي الخميس الماضي بهؤلاء وبدولهم قائلاً: “أصبحنا على حافة انهيار شبكة الأمان من أجل حماية لبنان واللبنانيين والقاطنين فيه… لبنان بحاجة ماسة لوقوفكم بجانبه… لبنان يحتاجكم أكثر من أي وقت مضى… أنتم الملاذ الأول والأمل الأخير للبنان!”.

 

لم يُعرف بمن يستغيث وزير التهويل الداخلي، فإذا كان يقصد دول مجلس التعاون الخليجي الداعم المالي الأكبر للبنان حتّى وقت قريب، فبماذا يعدها في المقابل؟ بإسكات الأصوات المحلية التي تخوض من موقع السلطة حرباً ضدّها؟ أم هل انه يقصد العراق الذي يعاني ما يعانيه لبنان؟ أم سوريا التي احتفى مع اقرانه بأوكسجينها المنعش؟

 

لا نعتقد أنّ كلام فهمي وأمثاله موجّه إلى الصومال أو جزر القمر، فالقرار العربي الآن هو في لقاء الخليج ومصر وصولاً إلى المغرب، وهؤلاء جميعاً ينتظرون، مثل اللبنانيين والاتحاد الأوروبي واميركا وروسيا أن يتمّ الإفراج عن حكومة لبنانية بالفعل، تعيد إلى لبنان وجهه المفقود والى اللبنانيين لبنانهم.