منذ الرابع من تموز الحالي، قبل شهر واحد من الذكرى السنوية الاولى لكارثة المرفأ، تتخذ الأمور منحى متصاعداً على صعيد احتجاجات اهالي الشهداء في القضية، خاصة بعد تقرير المحقق العدلي فيها طارق البيطار.
يتخذ موضوع رفع الحصانات الذي طلبه البيطار ويماطل فيه المسؤولون، الحيّز الاهم والمفصلي في القضية، لا سيما ان اياما تفصلنا عن الذكرى السنوية التي يحضر لها الحراك الشعبي ايضا وبعض مجموعاته وهي لم تغادر الشارع أصلاً برغم التراجع الكبير في الاحتجاجات على السلطة وهو أمر طبيعي.
لذا ففي هذه الساعات تتخذ مسألة الحصانة التي ترفض وزارة الداخلية رفعها، الاهتمام الأكبر وهو ما يفسر الدعوات الى التحركات امام منزل وزير الداخلية محمد فهمي والنيابة العامة التمييزية.
حسب الخبراء، ففي موضوع موظفي الدولة، أي ما يتعلق بالحصانة الوظيفية وفي شكل عام وبصرف النظر عن أي دعوى معينة، وبحسب المبادىء العامة وفي ما خص جميع الدعاوى واستنادا إلى قانون نظام الموظفين، فإذا كان الجرم ناشئًا عن الوظيفة فلا تجوز الملاحقة جزائيا إلا بناء على موافقة الإدارة التي ينتمي إليها الموظف.
ويلفت هؤلاء النظر الى ان النيابة العامة تتقدم من المرجع المختص المحدد قانونًا بطلب لأخذ موافقته على ملاحقة الموظف مرفقًا بالملف، وعلى المرجع المختص أن يبتّ بالطلب عبر قرار معلّل خلال مهلة 15 يوم عمل تلي ورود الطلب إلى الإدارة.
على أن انقضاء المهلة من دون البت بهذا الطلب تعتبر موافقة ضمنية عليه، مع الإشارة الى أن قرار المرجع المختص القاضي بمنح الإذن بالملاحقة لا يقبل أي طريق من طرق الطعن. ويوضح هؤلاء بأنه إذا رفض المرجع المختص طلب النيابة العامة بإعطاء الإذن بالملاحقة، وهي هنا حالة وزير الداخلية محمد فهمي إزاء طلب استدعاء المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، جاز للنيابة العامة في مهلة 15 يومًا من تبلغها قرار الرفض عرض الأمر على النائب العام لدى محكمة التمييز الذي يبت به بقرار معلّل يُبلّغ إلى المعنيين ضمن مهلة مماثلة، ويعتبر انقضاء هذه المهلة من دون البت بالموافقة موافقة ضمنية على الملاحقة.
الأهالي سيستهدفون المسؤولين وعائلاتهم
يبدو حال أهالي الشهداء كالغريق غير الخائف من البلل، وبالنسبة إليهم جاء قرار البيطار كخشبة خلاص يتمسكون بها مع الايمان الشديد بالتقرير، وهم يعلمون تماماً صعوبة القضية لكنهم لن يحيدوا هذه الايام عن مطالبهم في تحركات داعمة لبيطار ولقضيتهم سيكون العديد منها من دون اعلان، لا بل ستتخذ تلك التحركات طابع السريّة ليفاجئوا المسؤولين وحتى عائلاتهم، وهنا يأتي مثال التحرك الفجائي أمام الأمن العام.
ذلك ان صرخات الاهالي اتخذت طابع السلمية منذ المأساة قبل نحو عام، من دون ان يلتفت أحد إليهم. لذا فإن لسان حالهم ان لا سكوت بعد اليوم، حتى لو اتخذ بعض التحركات طابع العنف، المقصود منه وغير المتعمد، فهم لا يستطيعون ضبط مشاعر ذوي الراحلين، كما انهم لا يستطيعون ان يبقوا ساكتين مع تصاعد مشاعر الغضب والحزن التي ستتخذ ذروتها خلال الذكرى بعد ايام.
وحمل كلام البيطار، إن صحّ، في حديثه الصحافي حول محكمة الرأي العام بعد صدور القرار الظني، دلالات عميقة. هذا ما دفع الاهالي الى محاولة تعرية المسؤولين امام الناس اضافة الى محاولة الظفر بمطلبهم حول رفع الحصانات.
وقد يقدر للتحركات ان تتخذ طابعا اكثر عنفا مع النيّة لاستهداف المسؤولين ووزير الداخلية على رأسهم كونه المعني أولا حسب ما يرون بقضيتهم طبعا الى جانب مجلس النواب، في أماكن تحركهم او جعلهم اسرى منازلهم في حال كانوا يخشون الخروج منها هم وعائلاتهم.
أما وجود من يريد استغلال المأساة لصالحه، فهذا وارد لكنه ضريبة تُدفع في هذا الحال ولا يتحمل الاهالي مسؤوليتها، كما يؤكدون.
لذا فالاحتجاجات ستستمر وقد يحدث أن يصدر القرار الظني من دون رفع الحصانات أو الاستدعاءات، لكنه سيحفظ ماء الوجه مع صدور الرواية الكاملة لما حدث، حسب البيطار، وعندها إذا جاءت تلك الرواية متماسكة ومدعمة بالأدلّة وأظهرت شمولية وإحاطة كاملة بالقضية، يكون القرار مقنعًا وسيدفع المسؤولون الثمن أمام الرأي العام والعالم الخارجي.