IMLebanon

إنقلابات “حزب الله”

 

 

يحق لنائب «حزب الله» محمد رعد أن يقلب الطاولة وينقلب على مواقف الأمين العام لحزبه حسن نصرالله الذي أعلن الوقوف وراء الدولة اللبنانية في مسألة ترسيم الحدود مع إسرائيل.

 

يحق له ذلك، ما دام الغزو الروسي لأوكرانيا قد شلَّ معطيات الصفقة التي كانت ملامحها قد بدأت تتبلور مع مفاوضات فيينا بين إيران والولايات المتحدة، إثر إعلان وزارة الخارجية الإيرانية عن «تقدُّمٍ حيوي في محادثات إعادة إحياء الاتفاق النووي».

 

فالتنازل الذي كان يسعى إليه الأصيل الإيراني لحل النزاع اللبناني الاسرائيلي حول الاحواض الغازية والبترولية، بما يخدم ورقته في المفاوضات، لم يعد مطلوباً مع هذا الغزو.

 

المعادلات تغيرت، بالتالي التريث واجب. فإذا قُطِعَت خطوط الإمداد الروسية لتزويد أوروبا الغربية بالغاز، قد يُفْتَح المجال لمصادر أخرى تتولى تصدير غازها. وإيران هي واحدة من هذه المصادر بعد أخبار تتعلق بآبار جديدة تم اكتشافها. وعلى قياس هذه المعطيات سوف تسير المفاوضات.

 

لذا، يبدو أكثر من طبيعي لرعد، المحتفي وحزبه بالغزو الروسي، أن يعيد الأمور الى نصابها بما يخدم الأجندة الإيرانية، فذلك أقل الواجب تجاه ولي الأمر. ولا لزوم للتنقيب عن غاز لبناني يسهل تصديره بحكم الجغرافيا. فمصلحة إيران تقضي بأن يبقى مدفوناً… وأن يبلط البحر من يعترض…

 

والحزب بذلك لا يخالف أدبياته وسلوكياته الانقلابية على مواقفه التي يطلقها لتخدم مصلحة معينة، ليس أكثر.

 

ولم يغب عن الذاكرة انه، بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري تعهد الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله للسيدة نازك الحريري بالمساعدة على كشف الفاعلين.

 

وبالفعل، ساعد الحزب كثيراً بفعل انقلابه على تعهده، وصولاً إلى مرحلة «أنا المريب خذوني»، سواء من خلال مسلسل الاغتيالات، وتحديداً اغتيال الضابط المهندس وسام عيد الذي كشف طلاسم خرائط التخابر بين المرتكبين، او نسف أي إمكانية لتحقيق العدالة عبر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، او التنكيل بحكومات الرئيسين فؤاد السنيورة وسعد الحريري.

 

وأيضا خلال حرب تموز، حرص «حزب الله» على الوقوف وراء السنيورة وجهوده حتى يضمن التوصل إلى إنهاء القتال بالإتفاق 1701. ولمن نسي، أعلن الأمين العام للحزب في التاسع من آب 2006، أنه منذ بداية المعركة حرص على «وحدة الصف والتضامن الوطني والشعبي وأيضاً التضامن الرسمي على مستوى الدولة ومؤسساتها. وأيضا تقوية موقف الدولة، وبالأخص في الحكومة في التفاوض والحفاظ على الحقوق الوطنية». وأضاف أن «الحكومة تتصرف بمسؤولية سياسية كبيرة وأن هناك مسؤوليات كبيرة ملقاة على عاتق الحكومة والدولة عموماً، ترتبط بالجانب الامني والإعماري والإنساني والسياسي».

 

لكن هذا المشهد انقلب بدوره رأسا على عقب، ونسف نصرالله كلامه بعد ثلاثة أيام من صدوره، ليشن هجوماً شرساً على السنيورة ويتهمه بالعمالة والخيانة ويبدأ بتخريب العلاقات مع دول الخليج، وتحديداً السعودية، التي كانت لها المساهمة الكبرى بإعادة إعمار ما هدمته مغامرته. وكان بذلك يعلن العمل على إلغاء الدولة اللبنانية ومؤسساتها ويشحن «الشرفاء والأطهار من أهلنا» لتحقيق هذه الغاية.

 

حينها لم يتوقف نصرالله كثيراً أو قليلاً عند الجهود الدبلوماسية التي أوقفت المجازر الإسرائيلية بحق «الشرفاء والأطهار». فهذه الجهود لا تنفع في التعبئة المطلوبة وصولاً إلى حيث يشاء مشغله.

 

واليوم لم يتغير شيء. تصريح رعد ليس لمواجهة إسرائيل وكف اعتداءاتها على لبنان، وإنما لمواجهة الدولة اللبنانية التي يجب أن يتم نسفها من أساسها لتبقى تحت قبضة الحزب ومشغّله الإيراني.. تماماً، كما كان إغتيال رفيق الحريري، وكما كانت «حرب تموز»…

 

ومن لا يعجبه «فليبلط البحر»..