IMLebanon

كَوِّع يا فخامة الرئيس!

 

 

في 21 أيلول الماضي، قال رئيس الجمهورية ميشال عون ردّاً على سؤال صحافي: نحن ذاهبون الى جهنم!

 

كان الرئيس يقصد إفتراضاً أنه اذا إستمرّت الأمور على حالها، من دون تسويات، ومن دون حكومةٍ جديدة تتبنّى الإصلاحات وتقوم بتنفيذها، ومن دون التعامل بإيجابية مع المبادرة الفرنسية الوحيدة المطروحة لمساعدة لبنان، فإنّ لبنان ذاهب الى الخراب مباشرة، وليس الى المَطْهَر، المرحلة الإنتقالية قبل الوصول الى جهنم.

 

ومنذ ذلك التاريخ لم يحصل أي جديد يُنْبئ بأنّ توقّعات فخامته كانت في غير موقعها. الإنهيار المالي متواصل، صعود للدولار مقابل ليرة متلاشية وأسعار ترتفع صاروخياً، ودائع ومدخرات تواصل التبخّر وقدرة شرائية تزداد نحولاً، أبوابٌ مُشرّعة للتهريب الشرعي وغير الشرعي، روائح الفساد تنافس روائح النفايات، وتلاعب بمبدأ المحاسبة والتدقيق في لعبة كرةٍ طائرة يتقاذفها الفاسدون، بنية تحتية متهالكة تفضحها الأمطار الأولى، وتدمير بيروت ينتظر قرارات قضائية حاسمة لن تتّخذ بسبب محاولات تطويع القضاء وترويع الشهود.

 

وفي الأيام الفاصلة منذ إطلاق إشارة الإسراع الى جهنّم تحذيرات ونصائح دولية لا يؤخذ بها. الفرنسيون يكادون ينفضون يدهم. البنك الدولي يتّهم المسؤولين اللبنانيين بفرض “الكساد المتعمّد”، ومؤتمر باريس لدعم الشعب اللبناني يُنكر أي علاقة معهم ويتبنّى توصيف المؤسّسة المالية الدولية الأبرز، فيما اللبنانيون يتداولون إحصاءً عالمياً يجعلهم أكثر الشعوب كآبةً بعد أفغانستان والصومال!

 

ثمّ، في ضربةٍ قاضية، يبدأ البحث برفع الدعم عن السلع الأساسية، لكن، بعد أن وصلت المواد المدعومة تحت أنظار السلطة الى رفوف المتاجر من الخليج الى أفريقيا، وتبخّرت المحروقات (على قول وزير الإقتصاد) لتمطر على الأرض السورية. والخلاصة إضاعة ما تبقّى من أموال اللبنانيين في البنوك وخارجها لتمويل حفنة من تجار الأزمات وتعويم السلطة المأزومة في سوريا.

 

نقشت معه فخامة الرئيس. كان يرى بعين بصيرة الى أين الإتّجاه، ومع ذلك بقينا من دون حكومة، ثم استمعنا الى سيادته يتلو خطاباً يشكو فيه الأوضاع، وجهنّم إقتربت كثيراً أو نحن فيها.

 

مع ذلك، يُلِحُّ سؤال على كثيرين: ألم يحن أوان التكويع أو شدّ الفرامل؟ كوِّع يا صاحب السلطة، فجهنّم ليست خيارنا ولا هي قدرنا!!