Site icon IMLebanon

صلاحيات الرئيس أو صلاحيات عون؟

 

 

قبل لجم حماسة الدكتور حسان دياب، الساعي بأي ثمن للدخول المظفّر إلى السراي، وفي خلال مخاض تشكيل حكومته، حاول أن يمارس صلاحياته كما فهمها فأيقظه المستشار الرئاسي سليم جريصاتي المتضلّع بالدستور وأحد فقهائه، ليلفت “البروفسور” إلى النصوص الدستورية التي تحدّد صلاحيات رئيس الجمهورية بموضوع تشكيل الحكومة، بعدما تعدلت هذه النصوص في 21/9/1990 وفيها أن رئيس الجمهورية هو الذي يسمي الرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب، استناداً إلى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسمياً على نتائجها (المادة 53 الفقرة الثانية من الدستور)، ما يعني صراحة أن الرئيس يستشير ويتشاور ويسمّي، وهذه صلاحية تجعل منه مبادراً في عملية التسمية ومكمّلاً لها وشريكاً أساسياً فيها، من التكليف مروراً بالتثبيت (بدليل أنّه يصدر منفرداً مرسوم تسمية رئيس مجلس الوزراء عملاً بالمادة 53 الفقرة الثالثة من الدستور) وحتى التأليف أو الإعتذار”.

 

إجتهد جريصاتي في شرح معاني المادة 53 وربما أصاب، كما اجتهد تكتل “لبنان القوي” ورئيسه في ترسيخ “معايير” و”تفاسير” تحوم حول المادة 53، ففي اجتماعه “الإلكتروني” الأخير، ولمناسبة الأعياد، تمنى أن “يتوصل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف بأقصى سرعة الى مقاربة مشتركة تقوم على مبادئ واضحة ومعايير واحدة لعملية تشكيل الحكومة، ولا سيما على مستوى توزيع الحقائب وتأكيد الشراكة التامة بينهما، وفقاً لما نصت عليه المادة 53 من الدستور التي تتحدث بوضوح عن ان التشكيل يتم بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف”.

 

هنا لا بدّ من طرح السؤال الآتي: هل عدّل المشرّعون المادة 53 في العام 1990 وفصّلوها على مقاس رئيس الجمهورية الحالي؟

 

وهل احترم قادة التيار”العوني” والدائرون في فلكه صلاحيات رئيس الجمهورية كشريك كامل في التأليف يوم كان الرئيس نجيب ميقاتي يشكّل حكومته في العام 2011؟

 

أليس العماد عون نفسه من اعترض بشدة في مؤتمر صحافي في الرابية ( 22 شباط 2011) على تخصيص “حصة” لرئيس الجمهورية منفصلة عن تكتله النيابي، متسائلاً وقتئذٍ أين النص الدستوري الذي يبيح ذلك؟ (وجد النص اليوم)

 

هل أصدر يومها جريصاتي، كمرجع دستوري لا كمستشار، موقفاً مندداً بالسطو على صلاحيات رئيس الجمهورية وحصته وشراكته؟

 

أيذكر جهابذة الدستور الجدد، وعلى رأسهم “الرئيس” باسيل الكلّي التواضع، كيف كانت تتشكل الحكومات في عهد الرئيس ميشال سليمان، بفعل استشراس العماد عون ومحاولة “كتلة التغيير والإصلاح” مصادرة “صلاحيات” الرئيس؟ وأسطع ترجمة للجشع السلطوي قول وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لرئيس حكومته تمام سلام في مرحلة الفراغ الرئاسي، في فورة نزق، ما معناه: “نحن في مجلس الوزراء نمثّل رئاسة الجمهورية”. آخ على الرئيس والرئاسة. وآخ على الجمهورية. وآخ على الفقه الدستوري.