Site icon IMLebanon

ميشال عون… أفشل «ريّس» في تاريخ لبنان (٢)

 

 

أشرنا في القسم الأول من حديثنا أمس، الى الفشل الذريع الذي يتخبّط فيه هذا العهد، وأكدنا ان ميشال عون، هو أفشل «ريّس» في تاريخ لبنان وبدأنا بتسلسل العهود في لبنان منذ الاستقلال مركزين على عهد كل من بشارة الخوري وكميل شمعون وفؤاد شهاب. وها نحن نتابع اليوم، بدءا بعهد الرئيس شارل حلو الذي بدأ عهده باسم الشهابية في ٢٣ أيلول عام ١٩٦٤. وكان صديقا ومتأثراً جداً بالدستوري الكبير ميشال شيحا، كما كان رجلاً على ثقافة عاليه، ورجل انفتاح وحوار وكان حلو رابع الرؤساء، لكنه أول رئيس ينتخب في ظروف طبيعية. وبدأ عهده مستقراً… وراح يخفف من ثقل ضغط العسكر على الحياة السياسية، كما عاش عهده على رصيد الاستقرار والهدوء اللذين ورثهما عن حكم الرئيس شهاب.

 

لقد أصبحت بيروت في عهده، رمزا دالاً على الثقافة والحرية والتسامح والرقيّ وكذلك الاقتصاد. كما كان من كبار المخلصين للقضايا العربية وللقضية الفلسطينية. وقَّع لبنان في عهده اتفاقية القاهرة ١٩٦٩، التي مكنت المقاومة الفلسطينية من العمل من أرض لبنان، ويمكن القول ان شارل حلو كان سياسياً تقليديا متزنا على نحو ما كان رئيساً تنفيذياً منجزاً.

 

المشكلة في عهد الرئيس سليمان فرنجية، بروز المقاومة الفلسطينية في لبنان، وتحوّل الحركات القومية والثورية نحو الراديكالية، واتخاذها لبنان مركزا لنشاطها.

 

بدأ عهد الرئيس سليمان فرنجية، وكأنه إيذان بولادة المرحلة الأولى وحمل شعار «الثورة من فوق».  وكانت حكومة الشباب الانجاز الأكبر واللافت، والمجاميع الوزارية، ومشروع مرسوم ١٩٤٣ للحدّ من الاستيراد.. وحاول الكثيرون إجهاض محاولات وزير الصحة الدكتور اميل بيطار لإجراء إصلاحات نوعية على السياسة الدوائية. لكن عهد الرئيس فرنجية جاء وسط أزمات اقليمية كبرى، كتلك الأزمة الحادة مع المقاومة الفلسطينية في الأردن وانهاء الوجود العسكري والسياسي للمقاومة الفلسطينية في الأردن عام ١٩٧١، وانتقال المقاومة هذه الى لبنان.

 

وجاءت وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في ايلول عام ١٩٧٠، لتُفقد لبنان  زعيما كان قادرا على التأثير على الجماهير وَشُرِّعت الأبواب أمام جميع التيارات والإيديولوجيات والصراعات العربية التي وجدت في لبنان أرضا خصبة لها.

 

وفي عهد الرئيس فرنجية تم اجتياح إسرائيل للعرقوب عام ١٩٧٢، كما بدأت عمليات المقاومة الفلسطينية تتصاعد في هذا العهد ضد اسرائيل انطلاقا من لبنان. ونشبت معارك عنيفة في ضواحي بيروت بين الجيش اللبناني والمقاومة الفلسطينية ليزداد الأمر تعقيدا. ومع تطور هذه الاشتباكات تحولت المسألة الى أزمة حكم، بعد تكليف الدكتور امين الحافظ تشكيل الحكومة، فاعتبر هذا التكليف فرض على الرأي العام المسلم. فاستقالت الحكومة بعد أيام.

 

وانتهت هذه المشاكل بحكومة جسّدتها حكومة الرئيس تقي الدين الصلح التي تشكلت في ٢٥ تموز ١٩٧٣. من ٢٢ وزيرا (حكومة كل لبنان). وكان واضحا حتى العام ١٩٧٥، ان لبنان يتجه نحو الازمة الحادّة او المصير المجهول.. وهكذا بدأت التجارة تتدهور، وباتت الصناعة مريضة والزراعة لا تتحسن.

 

وشهد عهده بداية الحرب الأهلية اللبنانية وذلك في نيسان ١٩٧٥ وأصرّ على اكمال ولايته. كان من أركان الجبهة اللبنانية حتى انفصاله عنها حتى عام ١٩٧٨.

 

ويمكن الاعتراف للرئيس المرحوم سليمان فرنجية بأنه أول من شكّل حكومة للشباب حتى انه لم يكن يعرف أيّاً منهم… ونبذ الطائفية، إذ اجرى مداورات في الوزارات لعدد من المذاهب، بمعنى أنه ثبّت مبدأ «لا طائفية الوظيفة».. ويكفي ان نذكر قصة مفادها انه وفي إحدى زياراته للكويت، أخبره أميرها انه سيصيّف في لبنان بعد خمسة أشهر، وكانت منطقة عاليه تعاني نقصا في الكهرباء ووضعت الحكومة خطة لتحسين التيار الكهربائي مدته خمس سنوات. فاستدعى الرئيس فرنجية وزير الكهرباء وطلب منه تأمين الكهرباء في مهلة لا تتعدى الخمسين يوما.. فكانت المناقصة وتمّ تزويد عاليه بالكهرباء… إنها الارادة الكبيرة بينما نحن نغرق اليوم في العتمة.

 

أضيف الى أن الرئيس فرنجية عين أول امرأة «نعمت كنعان»، مديرة عامة في لبنان… كما أشير الى انه أوّل من أمر «بتلوين الحليب» المستورد، حتى لا يأكل اللبنانيون علف البقر الذي كان سائدا في أوروبا ويأتي بالجملة الى لبنان.

 

إشارة الى ان تعاون رئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة في أي عهد من العهود، هو مؤشّر على نجاح العهد… فتعاون بشاره الخوري مع رياض الصلح حقّق انجاز استقلال لبنان، إذ طلب الرئيس رياض الصلح ان يأخذ شركاؤه في الوطن (المسيحيون) المناصب التي يشاؤون، فكان الى رئيس الجمهورية، قائد الجيش، وحاكم مصرف لبنان وغيرها من المناصب، فاستقلّ لبنان وتطوّر بفضل هذا التعاون… في حين نرى عرقلة عون لتشكيل الحكومة، وتأليب الأفرقاء على رئيس الحكومة المكلف، من الأسباب التي تدفع لبنان أكثر وأكثر نحو الانهيار.

 

التتمة غدا في القسم الثالث