ما حدث أوّل أمس، كان كبيراً شديد الأهمية، إذْ في الوقت الذي كان يلقي فيه قائد الجيش الجنرال جوزاف عون خطاباً موجّهاً للعسكريين لكنه لم يكن للعسكريين فقط بل هو كلام واضح وصريح، موجّه لأهل الحكم في الوطن… وهنا لا بد من التوقف عند ما قاله:
أولاً: الجيش لن يتخلى عن حماية الشعب، ولن يتخلى عن هذا الواجب المقدّس، ولن يقمع التظاهرات السلمية، ولكنه لن يسمح بالإعتداء على الأملاك العامة والخاصة.
ثانياً: الجيش يعاني كما يعاني المواطن من غلاء المعيشة، ومن ارتفاع سعر صرف الدولار، ولا يستطيع أن يتحمّل أكثر. ولولا المساعدات الدولية التي تأتي من بعض الدول الصديقة لكانت الحالة في الويل.
ثالثاً: توجّه للسياسيين وأهل الحكم بالقول: كفى عذاباً للمواطنين، وكفى مناكفة، وكفى استهتاراً بمصالح الشعب… كما يجب تأليف حكومة اليوم قبل الغد.
رابعاً: ان الجيش -يؤكد القائد- هو جزء من هذا الشعب، وقد حذّرنا أكثر من مرّة من خطورة الوضع وإمكان انفجاره. مشدّداً على أنّ الوضع السياسي المأزوم انعكس على جميع الصعد، لا سيما إقتصادياً.
أمّا في الجانب الآخر، فكان فخامته يدعو الى اجتماع في القصر ضمّ رئيس الحكومة المستقيلة وبعض الوزراء، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيس جمعية المصارف، والقيادات الأمنية الى اللواء عماد عثمان مدير عام قوى الأمن الداخلي، واللواء عباس إبراهيم مدير عام الأمن العام.
نحن في المبدأ مع كل لقاء في القصر الجمهوري أو في القصر الحكومي أو في المجلس النيابي. لكنّ هذه الإجتماعات لها أصول وقواعد.
إنطلاقاً من ذلك يبدو الإصرار عند ميشال عون على الإعتداء على «الطائف»، إذ صار واجباً عليه أن «يحارب» الطائف صباح ومساء كل يوم ظناً منه أنه بذلك يستعيد حقوق المسيحيين.
لا يا فخامة الرئيس: حقوق المسيحيين، لا يحميها إلاّ «الطائف» لأنه أعطى المسيحيين المناصفة مع المسلمين، مهما كان العدد، ومهما هَجّر الرئيس عون من المسيحيين. وهنا لا بد أن نذكّر أنّ أكثر من نصف المسيحيين هُجّروا بسبب ميشال عون على ثلاث مراحل:
1- حرب التحرير وحرب الإلغاء يوم كان عون رئيس الحكومة العسكرية. فالحرب بين الجيش و»القوات اللبنانية» هجّرت أكثر من 300 ألف مسيحي.
2- حرب «لو كنت أعلم» عام 2006 التي هجّرت 300 ألف مسيحي أيضاً.
3- تفجير مرفأ بيروت في عهدك يا فخامة الرئيس… وبسبب نيترات الأمونيوم التي استوردها «الحزب العظيم» وخزّنها في أحد العنابر، وراح يسحبها بالكميونات بشكل مُبَرْمَج لإرسالها الى سوريا، كي يقوم جيش بشار «العلوي» بتحضيرها براميل يحرق ويدمّر ويقتل بها شعبه.
هكذا وبكل بساطة وبدون حياء يَدّعي ميشال عون أنه يريد أن يستعيد حقوق المسيحيين. ونحن نقول له: قبل أن تفتش عن الحقوق، أترك المسيحيين يعيشون، فهم ليسوا بحاجة الى تحالفك مع «الحزب العظيم»، حيث لم تعد أنت لبنانياً بل صرتَ إيرانياً، وتنكرت لمصالح الشعب اللبناني التي من أولوياتها التحالف مع العالم العربي وبالأخص مع المملكة العربية السعودية، التي «يسترزق» فيها 400 ألف مواطن لبناني، ومع دول الخليج التي «يسترزق» فيها 200 ألف مواطن لبناني، بينما لا يوجد في كل إيران مواطن لبناني واحد يمكن أن يعيل عائلته من هناك.
المصيبة الكبرى أنك تريد أن تضع حداً لارتفاع سعر صرف الدولار وتدّعي انكم اتخذتم قراراً بإيقاف المنصة التي يستعملها الصرافون.
يا فخامة الرئيس المشكلة الحقيقية في مكان ثانٍ، وأريدك أن تحفظ الأمور التالية:
1- عليك بتشكيل حكومة إنقاذ مقبولة من المجتمع الدولي، ليس فيها جبران باسيل الذي فرضت عليه عقوبات من أميركا.
2- إعادة التيار الكهربائي وذلك بأن يكون الإنتاج من خلال مادة الغاز وليس «الفيول» ما يوَفّر ملياراً ونصف المليار من الدولارات سنوياً.
3- الإستغناء عن البواخر التي هي بواخر الهدر.
4- إعادة ترشيد الموظفين وإعادة النظر بجميع الموظفين الذين وُظّفوا لمآرب وأهداف إنتخابية.
أمّا أنْ تَعْقِدَ جلسات أو إجتماعات في القصر، فهذه لن تَحلّ أي مشكلة بل على العكس فإنّ الأمور سوف تتفاقم أكثر وأكثر وتزداد تعقيداً.