Site icon IMLebanon

خطاب القائد وخيبات الحكم

 

متى سيقتنع الشباب الجالسون في القصر أن الطريقة التي يدير فيها الفريق الحاكم الأزمة لن تعود عليه وعلى الرئيس ميشال عون وعلى صهره جبران باسيل بالنفع، بل أنها تودي بهما نحو المزيد من العزلة الداخلية والعربية والدولية؟ ومتى سيصدّق الفريق الحاكم بأن وضع اليد على مقاليد الدولة والحكم بهذه الطريقة الكاريكاتورية والدونكيشوتية الناجمة عن حال الإنكار والمكابرة، هي أقرب إلى من يقبض بيده على الهواء وليس على أي مادة صلبة؟

 

لا فائدة من ادعاء الأمر والنهي وإيهام النفس بالقدرة على اتخاذ القرارات بالنيابة عن حكومة يفترض أن تشكل السلطة الإجرائية في البلد.

 

أي درجة من الوهم هي التي تحرك هذا الفريق الذي يتشبث بموقفه من دون أن يدرك بأنه يأخذ البلد نحو الحضيض، ويسوق نفسه بملء إرادته نحو الهاوية أي إلى ما وصفه رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط بالانتحار؟

 

لخص قائد الجيش العماد جوزيف عون، بقدر ما تسمح له مسؤوليته العامة على رأس مؤسسة رئيسية في البلد، خاضعة للسلطة السياسية، مستخدماً اللباقة مع جهابذتها وسائر الطبقة السياسية، باعتماد أسلوب التساؤل، بقوله: إلى أين نحن ذاهبون، ماذا تنوون أن تفعلوا؟

 

أليست مفارقة معبرة أن يحصر من يفترض أنه رأس السلطة السياسية الحاكمة في البلد، المعالجات للتدهور الأخير في سعر صرف العملة الوطنية، بالدعوة إلى تدابير ماليّة، قضائيّة وأمنيّة، وأن يشدد على ضرورة اتخاذ الأجهزة الأمنية خطوات لضبط مخالفي قانون النقد والتسليف وملاحقتهم، خلال اجتماع القصر الرئاسي أول من أمس، مقابل إعلان رأس السلطة العسكرية أن “الوضع السياسي المأزوم انعكس على جميع الصعد؟”.

 

أليس إنكار من يديرون دفة الحكم لعقم السياسة المتبعة، هو الذي دفع قائد الجيش إلى إعادة الاعتبار للواقعية ، بهدف تصويب البوصلة، بدل مطالبته بفتح الطرقات باستخدام القوة في وقت تكمن بداية العلاج في تأليف الحكومة الجديدة، من دونها يستحيل وضع البلد على سكة الحلول، كما أوضح المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم خلال اجتماع بعبدا؟

 

عناوين كثيرة تناولها قائد الجيش تتصل بأسباب الأزمة المالية الاقتصادية والسياسية، لكن البارز رفضه التدخل في شؤونها، من قبل الفريق الحاكم الذي تصرف في السابق وفي الآونة الأخيرة على أنه يحق له مد نفوذه إلى المؤسسة العسكرية كما يفعل في المؤسسات الأخرى ومنها القضاء.

 

لا يكتفي الفريق الرئاسي بالخيبات التي تتوالى عليه جراء جموح رموزه. لا يكفيه صده من قبل الفاتيكان والسلطات العراقية حين طلب رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ترؤس وفد ليزور بغداد كي يشارك في استقبال البابا فرنسيس خلال زيارته العراق، فضلاً عن عدم تحبيذ دوائر الكرسي الرسولي لهذه الخطوة التي كان يراد توظيفها لمصلحة الحكم في الخلاف القائم مع البطريرك الكاردينال بشارة الراعي حول وجوب تسريع ولادة الحكومة وحول دعوته إلى حياد لبنان ثم إلى مؤتمر دولي لإنهاء مصادرة قراره. ولا يكفيه أن المذكرة التي بعث بها باسيل إلى الفاتيكان لم تقنع دوائره بمضامينها، وخصوصاً تبريره مواقفه بالدفاع عن “حقوق المسيحيين”، وبمواجهة فريقه للفساد في الدولة، في وقت تعرف هذه الدوائر أدق التفاصيل والشهوات التي تتحكم بمواقف الطاقم الحاكم.