يبدو أنّ معركة التوريث قد بدأت، وأنّ الرئيس القوي يظن أنه يستطيع أن يورّث، متناسياً أنه في بلد ديموقراطي حر مستقل، ولو كان اليوم مغلوباً على أمره بسبب ظروف قاهرة لا يمكن أن تستمر، وسوف يأتي يوم انتهائها.
المعركة التي فتحت على حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة، بحجج وتبريرات مصطنعة باتت مكشوفة، فساعة يقولون إنّه مسؤول عن خسارة ٦٠ ملياراً لمصرف لبنان، وساعة ثانية يريدون أن تشكّل شركة تدقيق في حسابات مصرف لبنان، ومرة أخرى يهاجمون الهندسات المالية، وأخيراً يُلام لأنه كان يطمئن اللبنانيين بأنّ الليرة بخير.
ولا بد هنا وإنصافاً للحقيقة، من الإعتراف بأهم الأمور التي قام بها بنجاح لافت وهي:
أولاً: تثبيت سعر الصرف لمدة ٢٧ سنة، بالرغم من اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وحرب تموز ٢٠٠٦ «فلو كنت أعلم ما كلفت هذه الحرب لبنان من خسائر قدرها ١٥ مليار دولار و٥٠٠٠ مواطن وعسكري ومقاوم لما أقدمت على ما أقدمت عليه…» ألَيْس هذا كلام السيّد؟
ثانياً: عندما تسلم الحاكم كانت موجودات البنك ٣٠٠ مليون دولار وودائع في البنوك ١٨ مليار دولار اليوم الموجودات ٤٠ ملياراً والودائع ٢٠٠ مليار دولار ناهيك عن الذهب.
ثالثاً: خسارة الكهرباء ٤٦ ملياراً بالرغم من أنه لم يبق مسؤول أو مواطن واحد في لبنان لا يعرف أنّ مشكلة الكهرباء، سببها جماعة ٨ آذار لأنهم لا يريدون حل المشكلة، وطبعاً على رأسهم باسيل الذي وعد بأن الكهرباء ستكون ٢٤ على ٢٤ عام ٢٠١٥… وإلى مشكلة البواخر ومشكلة الغاز وإلى مشكلة رفض قرض الصندوق الكويتي.
رابعاً: سلسلة الرتب والرواتب التي أقرّت بالرغم من تحذير الحاكم والجمعيات والهيئات الاقتصادية والتي بدأت بـ٨٠٠ مليون ووصلت الى ٢٨٠٠ مليون.
خامساً: تعطيل الدولة: فهل يعلم المواطن أنه خلال ١٥ سنة أي منذ اغتيال شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري الدولة تعطلت ثماني سنوات ونصف السنة:
أ- سنتين أمام القصر الحكومي لإسقاط الرئيس السنيورة.
ب- سنة كاملة لتشكيل كل حكومة إرضاء لطفل الانبوب اي ٤ سنوات.
ج- سنتين ونصف السنة لأنّ «حزب الله» أمر أن لا رئيس إلاّ ميشال عون، وهكذا أقفل المجلس.
بالله عليكم، كيف يمكن لدولة أن تقوم ونصف الوقت تعطيل؟
سادساً: الموت لـ آل سعود والخليجيين في خطابات السيّد الاسبوعية تشجيعاً للسياحة، والذي حرم لبنان سنوياً من ٤ مليارات دولار، جاءنا بدلاً منهم سياح جدد، هم الحرس الثوري.
سابعاً: التهريب والمعابر غير الشرعية التي تحرم خزينة الدول من ملياري دولار سنوياً.
أكتفي بهذا القدر الذي تحمّله رياض سلامة ٢٧ سنة من دون أن يقول كلمة (اف).
يبدو أنّ كل مرشح لرئاسة الجمهورية حتى ولو لم يعلن ذلك جهاراً، معرّض للتشهير به، وتركيب الملفات والفضائح ولذلك كان التعرّض للوزير سليمان فرنجية، وإلى المس بجماعته ومن هنا جاء ملف الباخرة التي تحمل «فيولاً مغشوشاً»، وبالرغم من أنّ أصحاب الباخرة وافقوا على استبدالها خصوصاً أنهم لا يملكون معملاً للفيول بل هم وسطاء يشترون البضاعة من الدولة الجزائرية، ويتم شحنها الى لبنان، فهم في الحقيقة لا يعرفون إذا كان هناك من وضع شيئاً في الباخرة لأنّ هناك شكوكاً، لأنّ مختبرات الجزائر تشير الى أنّ البضاعة جيدة، فكيف بين ليلة وضحاها أصبحت مغشوشة، فهناك من لعب لعبة البضاعة المغشوشة ولم يكتفوا بذلك بل كلفت القاضية المنقولة من بعبدا بسبب عدم إلتزامها بتنفيذ القانون الا مزاجياً، بتصدر مذكرة توقيف بالمستوردين ومعهم مدير منشأة النفط المحسوب على الوزير فرنجية… والمصيبة الكبرى أنّ هذا العهد لا يملك الحدّ الأدنى من الوفاء، فبدل أن يكون الوزير فرنجية من أصدقاء العهد الذي لولا تضحيته ما كان سيّد هذا العهد في بعبدا.
أمام هذا الإعصار على الساحة المسيحية رأى سيادة البطريرك الراعي أنّ الأمور تتجه الى الأسوأ، وأنّ النظام اللبناني الحر الديموقراطي، الذي عماده التعايش أصبح في خطر، وأنّ رموز النظام من الطائفة المارونية المؤسسة لهذا النظام، أصبحت في خطر أيضاً، فلا بد من التدخل خوفاً على الوطن وخوفاً على الرعية.