IMLebanon

الأمر لي (2)  

 

 

في الحلقة الأولى من «الأمر لي»، التي كتبتها صباح يوم السبت مستعرضا حديث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أشرت الى أن الحديث كان رسالة واضحة وصريحة، لأن السيد أراد من خلالها إفهام الجميع بأنه هو الذي يعيّن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي والوزراء والنواب لأنه يعتبر نفسه الحاكم الأول والأوحد في الدولة.. كما أشرت في الحلقة السابقة أيضاً ان السيد حسن نصرالله وجّه في حديثه المتلفز إشارات أربع:

 

– الأولى الى رئيس الجمهورية.

 

– الثانية الى الرئيس المكلف والى رئيس حكومة تصريف الأعمال.

 

– الثالثة الى حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة.

 

– والرابعة الى قائد الجيش وإلى قادة القوى الأمنية.

 

وكنت قد فصَّلْتُ ما أراده السيد من مضامين بالنسبة لرئيس الجمهورية والرئيس المكلف… وما أراده من رئيس حكومة تصريف الأعمال. واليوم أتابع بالاشارات الموجهة الى حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة فأقول: لم يقدّم السيد حسن نصر الله في حديثه التلفزيوني، أية دلائل تثبت ما يقوله؛ بل اكتفى بالتهديد والقول إنه واثق من أن حاكم مصرف لبنان يستطيع ان يضبط أسعار ارتفاع صرف الدولار. ولم يقل ما هي الطريقة، بل قال ان الحاكم يستطيع تغيير واقع سعر صرف الدولار..

 

السؤال الذي يطرح نفسه لماذا بقي السيد ساكتاً منذ تاريخ 17 ت1 2019 الى يومنا هذا؟

 

هنا أريد أن أذكّر السيد حسن انه وفي كل مرة يطل فيها على الشاشة، يعترف بأن «رواتبنا ومصاريفنا ومشترياتنا وصواريخنا وأكلنا وشربنا، وملابسنا كلها تأتي من الجمهورية الاسلامية الايرانية». واننا لا نتعامل مع المصارف في لبنان، وليس لنا علاقة بها. وهنا تذكّرت انه في إحدى المرات، هدد السيد المصارف، يومذاك وضعوا سيارة مفخخة أمام بنك «بلوم بنك» لبنان والمهجر سابقاً، ولغاية اليوم لم تصل التحقيقات الى أية نتيجة يا سيد حسن: الحاكم رياض سلامة حافظ وخلال 27 سنة، على استقرار سعر العملة اللبنانية، بالرغم من عدد كبير من الأحداث، أذكرها كي تتذكر:

 

1- حرب إسرائيل على لبنان عام 1996. ومجازر عملية عناقيد الغضب (حرب نيسان)، حيث استعملت اسرائيل مدافع الميدان والقذائف المسمارية واستمرت العملية 16 يوماً.

 

2- حرب 2006 «لو كنت اعلم» كبّدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر..

 

3- بند التعطيل… وضمن هذا البند يدخل تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية مرّتين: المرة الأولى لمدة سنة ونصف السنة يوم انتخاب الرئيس ميشال سليمان وجاء من خلال اتفاق الدوحة، والمرة الثانية يوم انتخاب ميشال عون وامتد التعطيل الى عامين ونصف، وهذا يعني ان الدولة بقيت 4 سنوات عاطلة من العمل، مشلولة..

 

من ناحية ثانية ان كل هذه الامور، جعلت حاكم مصرف لبنان يحاول الحفاظ على الاستقرار النقدي كما حافظ منذ العام 1993 الى عام 2019 وحتى 17ت1 على هذا الاستقرار. وأنت تعلم يا سيد حسن انه لولا حكمة رياض سلامة وخبرته لما حدث هذا الاستقرار… فهو كان حكيما جداً، يبيع الدولار تارة ويشتري دولارات تارة أخرى. وهنا أريد ان الفت نظرك الى كيفية تنامي هذا الدين:

 

ففي كل يوم اثنين، يرسل وزير المالية كتابا الى حاكم مصرف لبنان، يطلب منه تأمين 100 مليون دولار. وعلى الحاكم ان يُوَمّنَ هذا المبلغ، فيصار الى اصدار سندات خزينة بفائدة أعلى من الفائدة المعمول بها، كي يجذب المشتري لشراء سندات خزينة. وكان الحاكم ينتظر في كل مرة ان تعالج الحكومة ملف الكهرباء الذي بقي منذ استلام «جماعة المقاومة» وزارة الطاقة وقد تعاقب عليها كلُّ جماعات المقاومة وحلفائها، وعلى رأسهم جبران باسيل الذي كان الأكثر فشلاً في إدارة هذه الوزارة، بقي الملف ينتقل من هدر الى آخر أكثر فداحة وأشد خطورة.

 

وما أوْصَلَ دين هذه الوزارة فقط الى 50 مليار دولار، بالرغم من تحذيرات الحاكم وجمعية المصارف، ومحاولات رئيس الحكومة، خصوصا مساعي الرئيس سعد الحريري في هذا الملف، اضافة الى مساعي أمير الكويت، حين أرسل رئيس الصندوق الكويتي الى بيروت فرفض حليفك الوزير جبران باسيل العرض الكويتي واستعاض عنه بالبواخر التي رفضها جبران أولا ثم اعتمدها.

 

وهناك قضية أخرى أكثر أهمية يا سيد حسن، يجب ان تعرفها: فالاقتصاد اللبناني مبنيٌّ على دعامتين:

 

الأولى: أموال المغتربين الذين يبلغ عددهم 16 مليوناً، إذ لولاهم لما بقي لبنان والثانية السياسة… التي وبفضلك تعطلت حيث تطل علينا كل اسبوع قائلاً: »الموت لآل سعود» وعندما يصل السائح العربي يرى فور خروجه من المطار، صور آية الله الخميني وصور القائد قاسم سليماني وصور «زعماء الفرس».

 

فبالله عليك ما ذنبهم ان جاؤوا حتى يمتعوا أنظارهم بصور قادتك؟

 

أما موضوع الصرافين، فنقولها لك بصدق: المشكلة هي ليست عند هؤلاء المشكلة اقتصادية صرف. تصوّر أن مدخولك الف دولار، وأنك تصرف ألفي دولار، فأنت مجبرٌ على ان تستدين الف دولار وهذا ما حصل معنا في لبنان.

 

المسؤولية يا سيد على الجميع وبالأخص على الحكم، بدءاً برئيس الجمهورية وانتهاء بالمسؤولين كافة.

 

يتبع غداً الحلقة الثالثة