موقف بري المتمسك بالرئيس المكلف أساسي في مواجهة مخطط العهد
لا يمكن فصل مضمون اللقاء المتفجر بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، في قصر بعبدا، أمس، والذي حمل الرقم 18 بينهما، عن الكلام التهديدي الذي أطلقه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي طالب بحكومة سياسية أو تكنوسياسية. وهو ما ترجم في الانقلاب الذي اتهم فيه تيار «المستقبل» الرئيس عون بتنفيذه، من خلال الرسالة التي وجهها إلى الرئيس المكلف أول أمس، الأمر الذي كسر الجرة بين «بعبدا» و«بيت الوسط»، وأطاح بعملية تشكيل الحكومة، واضعاً البلد أمام مفترق طرق بالغ الخطورة، مع ما لذلك من انعكاسات سلبية على مختلف الأصعدة، وتحديداً على الصعيد الاقتصادي والمالي.
وتؤكد أوساط سياسية لـ«اللواء»، أن «احتراق المراكب بين الرئيسين عون والحريري، فاقم أزمات لبنان وشرع الأبواب أمام كل الاحتمالات، في ظل مشكلات مالية معيشية كارثية»، مشددة على أن «خطاب نصرالله شكل منعطفاً على هذا المستوى التصعيدي، ومن خلال الرسائل التي أطلقها، بحيث أن الصيغة التي سبق ووجهها الرئيس عون إلى الرئيس المكلف، كان من أهدافها استفزاز الأخير عن سابق تصور وتصميم ضمن السياسة التي يتبعها العهد لجهة إحراج الرئيس الحريري لإخراجه»، ومؤكدة في الوقت نفسه أن «هناك عملية استقواء حصلت بعد خطاب نصرالله، برزت من خلال تهليل النائب جبران باسيل لما قاله الأمين العام لحزب الله».
وأعربت الأوساط عن اعتقادها أنه «من الآن وصاعداً لا يمكن تقدير كيف يمكن أن تذهب الأمور، في ظل اتساع الهوة بشكل كبير بين الرئيسين عون والحريري، توازياً مع انعكاس هذا التطور على الأوضاع الداخلية على مختلف المستويات، وما تشهده البلاد من غليان شعبي كبير يعم جميع المناطق، ما يرسم صورة قاتمة لمسار الأمور في المرحلة المقبلة، مع انسداد مخارج الحلول بشكل تام»، مشيرة إلى أنه «لا يعرف ما إذا كان ما حصل بين الرئيسين عون والحريري، هو نتيجة تخطيط مسبق بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» من أجل أخذ البلد إلى مكان ما، أو أن هناك وساطات ستدخل مجدداً على الخط مع استبعاد هذا الأمر حالياً بعد الذي جرى».
وتحذر من أن «الطريقة التي يتعامل بها العهد وحلفاؤه في ما خَص تأليف الحكومة، ستؤدي إلى المزيد من كشف لبنان على أكثر من مستوى وينذر بمخاطر كبرى على جميع الأصعدة، بحيث برز بوضوح أن هذا الفريق أبعد ما يكون عن المبادرة الفرنسية التي ادعى أنه حريص على التمسك بها، في حين أظهرت الوقائع أن كل هم الرئيس عون وفريقه السياسي الحصول على الثلث المعطل، على ما أشار الرئيس الحريري إلى ذلك، لحسابات لم تعد خافية على أحد تتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة»، مشيرة إلى أن «هناك استياء دولياً كبيراً من أداء فريق السلطة في لبنان، لا يستبعد معه اللجوء إلى اتخاذ خطوات عقابية قد تطال عدداً من المسؤولين الذين يتحملون مسؤولية أساسية في تعطيل ولادة الحكومة».
وتشدد الأوساط، على أن «الرئيس المكلف الذي لم يرفض الاعتذار، يدرك تماماً أن كل طريقة تعامل رئيس جمهورية معه، هو دفعه إلى الاعتذار في مرحلة لاحقة، والمجيء تالياً برئيس حكومة مطواع لا يعترض على منح الثلث المعطل لفريق العهد، كي يتمكن من السيطرة على قرار الحكومة في حال لم تجر الانتخابات الرئاسية المقبلة»، معتبرة أن «الأنظار ستبقى موجهة إلى موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري المؤيد لوجهة نظر الرئيس المكلف، بعد الاستدارة الجنبلاطية، من أجل مواجهة الفريق الحاكم الذي يريد التخلص من الرئيس الحريري».