“يا ريت ورتت بستان جدي وما عملت رئيس الجمهورية” هذا بعض ما قاله الرئيس العماد ميشال عون للزميل آدم شمس الدين، ولا مبالغة في القول أن مليوني ونصف مليون لبناني على الأقل، لو سمعوا هذا التمني، لقالوا بصوت واحد “يا ريت”.
في زمن البراءة، كانت الـ”يا ريت” مرتبطة بأحلامنا الشاسعة وطموحاتنا المتبدّلة، نحن الضعفاء المنتمين إلى الطبقة الكادحة. لطالما رددت في سرّي:
يا ريت أكبر بسرعة وأصير مهندس طيران.
يا ريت أصحو غداً صباحاً وأجد 10 ليرات تحت مخدتي.
يا ريت “بتظبط” مع شفيق جدايل وأحظى بثلاثية “الحظ والثروة والسعادة”.
يا ريت بدر الدجى بتّطل عالسطيحة.
يا ريت بعرف سوق بيسيكلات.
يا ريت بنجح بفحص الأمن العام ( وقد رسبت في امتحان القامة).
يا ريت بتخلص الحرب.
يا ريت بيتحرر لبنان.
يا ريت بتوقف حرب التحرير.
يا ريت جاكلين بيسيه تتبناني خليلاً.
يا ريت ما بتقطعني الفيات على جسر الفيات.
يا ريتني وُلدتُ بمنزل يقع في أول شارع ريجنت، في قلب لندن.
هذا غيض من فيض الـ”يا ريت” في الربع الرابع من القرن العشرين. أنقضى من العمر أطيبه، وها نحن من ارتقينا إلى صف متوسطي الحال، نتراجع مجدداً إلى صفوف المحرومين وأقصى الأمنيات:
يا ريت تُستحدث وزارة للشحادة في الحكومة العتيدة.
يا ريت “حزب الله” يغيّر اسمه أسوة بـ”حزب الكتائب” ويقوم بـ Re-looking.
يا ريت أقدر على تحويل مدّخراتي المتبقية مباشرة من البنك إلى المخدة.
يا ريت بيجيني من القصر هبة أبوية: سكر وحليب ومسكة وماء زهر باب أول وجرّة غاز وعلى أطيب رز بحليب.
يا ريت حدا يلقط دونكيشوت ويطقّوا “قتلة”.
يا ريت حدا يدلنا وين منلاقي كاز. معقول بالبلوك رقم 4 بلّشوا يبيعوا؟
يا ريت، يأتي يوم السبت ويكون الإنتداب الفرنسي قد عاد. وإذا كان الفرنسيون غير راغبين فلتكن إيسلنده الدولة المنتدِبة.
يا ريت ما عملت صحافي، وفلحت بساتين جدي واقتنيت عنزتين شاميتين، ففي نصف قرن، كان ليكون لديّ لو فعلت، أسطول ماعز يسد قناة السويس.
***
قديماً، في العام 1937 غنى فريد الأطرش، من شعر يحيى اللبابيدي، أغنية “يا ريتني طير” ومن مقاطعها الجميلة:
يا ريتني شعرة بجفونك/ لردّ الشمس عن عيونك/ وإتعلّم سحرك وجنونك
لكن يا ريت / يا ريت كلمة يا ريت / عمرها ما كانت تعمّر بيت
فبناءً على أغنية “يا ريتني طير” للموسيقار الأطرش، يخرب بيت من خربَ بلداً.