Site icon IMLebanon

إفقار وإعاشات

 

 

لم يعد يفيد الحاكم بأمره هذا التظاهر بأنه الحكم الحيادي العادل وسط طرفين. هذه البضاعة لم تعد تبيع. من يقارن خطابات الأمين العام ومن ثم ببغائيات العم والصهر يرَ التطابق الكربوني. ما يعني أن لا سرّ أو لغز في المسألة.

 

الأمور واضحة وضوح القرف المتحكم بواقعنا الخاضع لإقتصاد الإفقار الناجح نجاحاً منقطع النظير. ما يؤكد أن الأزمة المالية الحالية هي من فعل فاعل وعن سابق تصورٍ وتصميم. والخطة هذه استوجبت استدعاء الفاسدين إلى السلطة والمؤسسات الرسمية، وتشجيع من لديه ميل للفساد، وإغراءه بغياب المحاسبة والمساءلة ليَغْرَق ويتورط ويسهل تدجينه ويُغْرِق البلاد وفق الأجندة المتوخاة. وقد تبين بعد 17 تشرين 2019 أن المحور ضنين بالفاسدين والمفسدين. وبرهن أنه حاضر للمحافظة عليهم ليضعوا كتفاً الى جانب كتفه حتى يتحقق المراد.

 

من هنا، يصبح بديهياً أن يبادر العم والصهر إلى تنفيذ المطلوب منهما على النقطة والفاصلة. ولا يخرج عن المسار تحويل التحقيق الجنائي قميص عثمان وذريعة الذرائع ووسيلةً لتعويم الحكومة المستقيلة حتى آخر العهد. هذا إذا اقتنع ساكن القصر أن للعهد نهاية.

 

ولا لوم عليه، فهو لا يرى في الدولة عِلَّة إلا لدى من يعرقل توريثه صهره. ولا حكمة لديه تخوِّله المطالبة بتحقيق دولي لمحاسبة مرتكبي جريمة تفجير المرفأ وتهديم نصف بيروت وقتل الأبرياء في بيوتهم، او توضح له الأثر المدمر جراء تعطيل تشكيل الحكومة أو التهريب الممنهج وفقدان مقومات الحياة بحدها الأدنى والعبث بالمفاوضات مع إسرائيل على الحدود المائية الجنوبية، والاعتداء السوري على الحدود المائية الشمالية، يعمى عن كل ذلك وغير ذلك، ويتشبث فقط بهذا التحقيق الاستنسابي الغرضي المرضي.

 

والمحور يثمن مواقف العم والصهر. وبفضلهما يحصد النتائج وينفذ أجندته القاضية بالتحكم أكثر فأكثر بالبلاد والعباد. ومقابل الإفقار يمنُّ على أفراد بيئته ببطاقة إعاشة. من يحملها يدخل إلى الجدول. ومن لا يحملها ولم يسع إلى حملها له حساب آخر.

 

وليس جديداً أن يبادر ممثلو المحور وأذرعه إلى التحكم ببيئة مرصودة من خلال الإفقار والتهجير والحروب العبثية، ومن ثم تقديم الإعاشات وتوزيع بطاقات ليبيعوا المنكوبين من كيسهم سلعاً حياتية بأسعار مخفضة بعد وضع اليد على المدعوم من الدولة اللبنانية. فالأمر كان يحصل وكانت السلع في أسواق الدويلة أرخص لأن المرفأ والمطار تحت السيطرة.

 

والمشهد ليس جديداً. فهذه الاستراتيجية سبق وشهدناها، تحديداً بعد الإنتصار الإلهي وما رافقه من خراب ودمار.

 

حينها أرسى المحور فتاويه، بغية الاستيلاء على المساعدات العربية والدولية لإعادة إعمار لبنان.

 

ولم يعد خافياً على أحد أنه يفبرك “الفتاوى” التي تتيح له استباحة الدولة من داخل مؤسساتها او من خارجها، فيضرب عصفورين بحجر، الأول امتصاص النقمة الشعبية جراء إقتصاد الإفقار المبرمج وشراء الولاء ببطاقة تموينية، والثاني الإمعان في إلغاء كل شرعية داخلية وعربية ودولية لترسيخ أسس دولته، الموجودة اصلاً. فمن يتابع استراتيجية المحور يعرف أنه لديه جيشه الخاص وقضاؤه الخاص واقتصاده الخاص المدولر في حين يعز الدولار على الدولة اللبنانية بخزينتها وشعبها.

 

والأخطر أن المحور يرهننا للإبداعات التعطيلية الجامحة، متجاهلاً أن “من لا حكمة له.. لا حكم له” على ما قال الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي.