IMLebanon

الدّنيا وجوه وأعتاب  

 

 

منذ عام 1988، أي منذ تسلم الجنرال ميشال عون رئاسة الحكومة العسكرية المكلّفة بالتحضير لانتخابات رئاسية، لكنه في الحقيقة فعل كل شيء إلاّ التحضير لانتخابات رئاسية، لسبب بسيط أنه لا يتحمّل ولا يقبل أن يكون هناك رئيس للجمهورية غيره. ولتحقيق هذا الأمر، أقام حربين: الأولى كانت تحت عنوان حرب التحرير، والثانية كانت حرب الإلغاء ضد «القوات اللبنانية». أما الفترة التي حكم فيها الجنرال ميشال عون فكانت من أسوأ الأيام التي عانى فيها اللبنانيون: (1) تدمير مناطق بالكامل بالقَصْف المدفعي الذي ارتكبه في حربه مع «القوات اللبنانية».

 

(2) أسوأ الأيام اقتصادياً بسبب عدم السماح بإجراء انتخابات رئاسية، والإبقاء على الحكم بقوة السلاح.

 

(3) أكبر هجرة مسيحية حصلت في تاريخ لبنان، إذ هاجر أكثر من 300 ألف مسيحي من لبنان… والأنكى من ذلك أنه لم يستجب لكلّ النداءات والعروض التي قُدمت اليه ولم يستسلم إلاّ عندما كلفت الحكومة الجيش اللبناني بإنهاء حالة التمرّد في المنطقة الشرقية. وهذا ما حصل إذ هرب الجنرال عون بالبيجاما الى السفارة الفرنسية في مار تقلا.

 

وبالتطرق الى موضوع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، كان هذا الملف بيد دولة رئيس المجلس النيابي الاستاذ نبيه برّي، وظل معه فترة وتحديداً حتى شهر ت1 حين أعلن الرئيس بري في مؤتمر صحافي في قصره في عين التينة، اتفاق الإطار، فانتقل الملف من عين التينة الى قصر بعبدا، فَشُكّل الوفد المفاوض، إذ أصرّ فريق الرئيس عون على توسيع الوفد ليضم مدنيّين، فانضم للوفد وسام شباط المقرّب من «الطفل المعجزة» ونجيب مسيحي إضافة الى العقيد الركن مازن بصبوص عن قيادة الجيش. وقد تعذّر تحقيق إرادة فريق رئيس الجمهورية بأن يكون انطوان شقير رئيساً للوفد، وهادي هاشم مدير «مكتب الطفل المعجزة» عضواً فيه لضمان ثبات الموقف اللبناني على الإدعاء بالتمسّك بالخط 29.

 

بدأت المفاوضات في الناقورة في 14 ت1، وكان الوفد يجتمع مع الرئيس عون، قبل الاجتماعات وبعدها، لإطلاعه على تفاصيل المفاوضات، كما تؤكد البيانات الإعلامية التي كانت تصدر عن المكتب الإعلامي للرئاسة، الأمر الذي يفضح تهرّب الرئيس وقوله بأنه لم يكن على علم بما يجري من مباحثات.

 

بعد أسبوعين من انطلاق المفاوضات التقى الرئيس عون في بعبدا بقيادة اليونيفيل، وأصدر بياناً رسمياً أكد فيه أنه هو من أعطى التعليمات للوفد المفاوض بالانطلاق من مبدأ عدم التخلي عن أي جزء هو من نصيب لبنان، وهو ما يؤكد التمسّك بالخط 29.

 

في الجلسة الثالثة للمفاوضات اعترض الجانب الاسرائيلي على تمسّك لبنان بالخط 29، فتوقفت المفاوضات.

 

لا نريد هنا أن ندخل في موضوع الترسيم، لأننا نرى أنّ هذا الموضوع يجب حلّه، كما يجب عدم حرمان لبنان من ثروته النفطية بغض النظر عن الطريقة.

 

وبالمناسبة، فإننا اليوم نستطيع أن نستفيد من التدخل الاميركي في هذا الموضوع، فقد جاء الى لبنان ولأكثر من مرة، مساعد وزير خارجية أميركا دايڤيد هيل، ونظن أنّ الحل الحقيقي هو أن نذهب الى الأمم المتحدة ونعرض قضيتنا هناك. ولكن «الطفل المعجزة» دخل على الخط، والظاهر أنه عندما أدخل بعضاً من جماعته كوسام شباط المقرّب منه، وغيره، فإنّ المشكلة زادت تعقيداً.

 

أما اليوم فإنّ الرئيس يظن أنه بعدم التوقيع على المرسوم 6433 الذي ارسل إليه، والذي جاء بناءًا لرغبته، فإنه يستطيع أن يقايض الاميركيين والاسرائيليين برفع العقوبات عن جبران وإلاّ…

 

وزيادة في التعقيد، وبعد سلسلة اجتماعات في بعبدا، اتفق على اعتماد الخط 29 في المفاوضات، فاتخذ القرار بضرورة التنسيق مع الاميركيين وتوفير دعم أميركي للموقف اللبناني، ولهذا الغرض أنشأ ناشطون «لوبي» في واشنطن بقيادة انطوان حداد بمؤازرة آخر اسمه ماريو لاسالا من قِبَل جبران باسيل لقاء 20 ألف دولار أميركي…

 

نعود الى بداية المقال ونقول: لا يمكن لأي أمر يتولاه الرئيس، إلاّ ان يفشل. والأنكى من ذلك أيضاً صهره العزيز الذي يظن أنه أذكى رجل في العالم، إذ قالها مرّة في «شريط ڤيديو» إنه ذكي جداً ويعرف كيف يحصّل الدولارات، ولماذا لا يكون عنده طائرة خاصة، خصوصاً وأنّ الأغنياء ليسوا أفضل منه.

 

حظ لبنان واللبنانيين اننا وقعنا بين يدي سلطة متشوّفة متعجرفة، تحمل شعار «أنا أو لا أحد» و»أمّا أن تفعلوا ما يقرره الرئيس أو أنتم ذاهبون الى جهنم».