IMLebanon

يحلّل ويحرّم حسب مصلحته لا حسب مصلحة البلد

 

 

لم يأتِ الى الحكم، حاكم عنده شهوة الحكم، وحب التملّك لكل شيء، وبكل شيء، كما هي حال الحاكم الحالي الذي جاء الى الحكم بعد انتظار خمس عشرة سنة في باريس، وسنتين ونصف السنة تعطيل لمجلس النواب، ولأوّل مرة في تاريخ لبنان يفرض «الحزب العظيم» ويعيّـن الرئيس الذي يريد.

 

والأنكى أنّ هذه الخدعة شارك بها الدكتور جعجع عن تقدير أو عدم تقدير، من خلال كذبة كبيرة اسمها «اتفاق معراب»، الذي أعطى الجنرال عون الرئاسة ولم يعطِ الدكتور أي شيء.

 

وكي لا نظلم الدكتور بتحميله المسؤولية، كانت هناك مسؤولية بسيطة جداً لا تتعدّى الـ25% من الخطأ ارتكبها الرئيس سعد الحريري طبعاً من باب الحرص على مصلحة الوطن. فأن يكون هناك رئيس برأيه، أفضل بمليون مرة من أن يكون هناك دولة بلا رئيس. لكننا اليوم نقول: العكس تماماً… ليتنا بقينا سنتين ونصف السنة أكثر ولم يأتِ هكذا رئيس.

 

الذي جرى جرى، ووصلنا اليوم الى مصيبة أكبر بكثير مما كنا عليه، خصوصاً الإنهيار الاقتصادي والمالي الذي أوصلنا إليه سوء تصرّف الإدارة السيّئة للرئيس وفريقه بدءًا بالصهر المدلّل، الى وزراء آخر زمان، من جماعة «التيار الوطني الحرّ»، والسؤال اليوم: كيف لنا أن نتجاوز هذه المصيبة؟ للأسف الشديد لا يوجد حلّ مع إدارة سيّئة وتفكير أسوأ وعقل متحجّر، كالذي نعيش معه.

 

اليوم هناك مفاوضات حول الحدود البحرية بين لبنان والدولة العبرية برئاسة وفد أميركي ووفد من الأمم المتحدة.

 

قبل مناقشة ما يجري في هذا الملف لا بد من التساؤل حول جدوى انتقال الملف للرئيس عون، فقد كان الملف في عهدة الرئيس برّي لمدة تزيد على السنتين، وعندما وصل الى النهاية السعيدة، لم نعرف كيف انتقل الى رئيس الجمهورية، ومن هي الجهة العليا التي نقلت هذا الملف؟

 

في العام 2018 جرى إقتراح من 4 نقاط في القصر الجمهوري في حضور الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري وتمّ تكليف الرئيس بري بالتفاوض، وكان الرئيس بري قد اقترح على الرئيس عون أن يتصل بالسفيرة الاميركية ويبلغها بالموقف اللبناني، وبأنّ هناك تكليفاً للرئيس بري بمتابعة هذا الملف.

 

اتصل الرئيس عون بالسفيرة الاميركية وأبلغها بالقرار.. وجرى اجتماع الرئيس بري بالسفيرة الاميركية في بيروت إليزابيت ريتشارد ومساعد وزير الخارجية ساترفيلد، وجرى في الاجتماع الاتفاق على وضع حدود بحرية بين لبنان وإسرائيل…

 

وهكذا أعاد وزير الخارجية الاميركي بومبيو المفاوضات بتكليف ساترفيلد ومعه السفير الاميركي في أنقرة شينيكر المكلف باستكمال المهمة، وفي الوقت نفسه كان شينيكر مدير منطقة الشرق الشرق الأوسط في الخارجية الاميركية، وبالفعل توصّل المجتمعون الى اتفاق من 6 نقاط أعلن بتاريخ 2020/10/10.

 

وكان أبرز ما في القرار:

 

1- لبنان وإسرائيل موافقتان على مشاركة أميركا في المفاوضات.

 

2- ترتكز المفاوضات على لجنة ثلاثية مؤلفة من الأمم المتحدة ولبنان وإسرائيل.

 

3- قبول الاميركيين بدور الوساطة.

 

4- تحضير محاضر للجلسات ويجب توقيع الفرقاء الثلاثة على المحاضر.

 

5- الترسيم.

 

وفي مؤتمر صحافي عُقِدَ في قصر عين التينة أعلن الرئيس بري في حضور وزيرة الدفاع وقائد الجيش أنّ مهمته انتهت، وأنّ هناك اتفاقاً بتقسيم المنطقة الاقتصادية المؤلفة من 10 بلوكات.

 

أما خط «هوف» فيعطي 55% للبنان و45% لإسرائيل والمساحة المتنازع عليها هي 850 كيلومتراً.

 

وكما ذكرنا انتقل الملف الى بعبدا، وهنا بدأت العقبة، إذ قام الرئيس بتكليف قائد الجيش، وأن يقوم الجيش بترسيم خطوط جديدة. هنا بدأت المشكلة إذ أنّ الجيش اللبناني وحسب المعطيات المتوفرة لديه، وصل الى نتيجة بأنّ هناك 2140 كيلومتراً زيادة هي من حق لبنان… وبعد تخوين وزير «المردة»، لأنه رفض أن يوقّع على المرسوم الجديد، أجبر الوزير على التوقيع ووقعه أيضاً رئيس الحكومة المستقيلة، كما وقعه أيضاً وزيرة الدفاع، وأرسل المرسوم الى القصر الجمهوري للتوقيع.

 

الغريب العجيب أنّ الرئيس، الذي كلّف الجيش بهذا المرسوم متردّد في توقيعه على المرسوم، وقال في الجلسة أمس إنّه يخاف أن يطعن بالمرسوم أحد، لأنّ الحكومة مستقيلة.

 

وهذه خدعة كبيرة، إذ كيف تَذكّر أنّ الحكومة مستقيلة مع سؤال بسيط نسأله: لماذا لم يوقع فخامته على مرسوم التعيينات القضائية خصوصاً أنّ الحكومة لم تكن مستقيلة.

 

نقطة جديرة بالاهتمام… لقد كانت هناك مهلة عشر سنوات للاعتراض على الاتفاق، انتهت منذ أيام. إذ كانت المهلة بدأت في عهد الرئيس نجيب ميقاتي. لذا فإنّ اعتراض فخامته لا قيمة له… لأنّ فخامته فقد حق الاعتراض لدى الأمم المتحدة.

 

نعود الى أنّ آلية حكم (قرقوش) لم تعد مفهومة، ففخامته يفاوض الاميركيين ويهدّد بالمرسوم إذا لم تُرفع العقوبات عن «الطفل المعجزة» رغم انتهاء المدّة.

 

وهكذا أصبح الحكم في لبنان محكوماً بمصالح الصهر «الطفل المعجزة»، وهذا ما لم يحدث مثيلاً له في تاريخ لبنان.

 

الشعب اللبناني كله يدفع ثمن عنجهية وتكبّر وجشع «طفل مهووس» بالسلطة.