IMLebanon

عون «مُحاصَر».. فتِّش عــن السبب!

 

لم يتبقّ من ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلّا سنة وبضعة أشهر، ومن الصعب أن يتمكّن خلالها من ترميم ما هُدِّم خلال الأعوام السابقة من عهده، أو إصلاح ما فسد وأُفسد منذ ما قبل تسلُّمه سدة الرئاسة، بحسب ما ترى جهات سياسية واقتصادية، وذلك لأنّ الانهيار لم يتوقّف بعد عند حدٍّ معيّن لتبيان المدة اللازمة للنهوض مجدداً، بل إنّه متواصل، خصوصاً في ظل عدم تأليف حكومة ودُنو لحظة القرار باستخدام الاحتياط الالزامي في مصرف لبنان أو رفع الدعم كلياً عن المواد الأساسية، وأحلى القرارين مُرّ على المواطن ويُنذر بمخاطر مقبلة. والى ثقل الأزمات المنفجرة خلال العهد هناك من يحاول قصداً، التصويب على الرئيس وتحميله مسؤولية الأزمات كلّها، من التأليف الى الوضع المالي ـ الاقتصادي، فيما أنّ «هذه الأوركسترا هي التي تعرقل أي حلول سياسية أو إصلاحية».

 

مهما أكد عون مرونته وانفتاحه على التسويات لتأليف حكومة جديدة، هناك اقتناع راسخ لدى جهات سياسية عدة، بدءاً بتيار «المستقبل»، أنّه يريد «الثلث المعطّل» في الحكومة ويعمل على تأمين موقع سلطة لصهره رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل. في المقابل، وبالدلائل الحسية، يرى القريبون من عون أنّ هناك حملة مبرمجة ضده على كل المستويات ومن الجوانب كافة، ويقولون: «ننتظر «خبرية» يومياً، وبات من مهماتنا اليومية نَفي إشاعات وأخبار ملفّقة وتوضيحها».

 

حتى أنّ ما حصل إثر كلام وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال المُعفى من مهماته شربل وهبه في حق دول الخليج، يضعه القريبون من عون ضمن هذه «الحملة المبرمجة»، ويقولون: «وهبه تورّط بكلام ما كان عليه أن يقوله، بل أن يختار عبارات أخرى، لكن كانت هناك حملة جاهزة وواضحة، انطلقت قبل أن ينهي حديثه، تحديداً من الداخل اللبناني ممّن يدورون في الفلك السعودي و»يبيّضون الوجه» الذين حرّضوا على وهبه». ويضيف هؤلاء: «إنّ أحداً لا ينكر الخطأ، لكن لا يجب أيضاً إنكار «دوزاج» الحملة القوي».

 

ويأتي أيضاً ضمن الحملة على رئيس الجمهورية، بحسب العونيين، اتهامه وباسيل بعرقلة تأليف الحكومة الى أن يحصلا على «الثلث المعطّل» فيها صراحةً أو ضمناً، وكذلك الكلام عن ضغط يمارس على الحريري لدفعه الى الاعتذار والحديث عن تواصل عون مع شخصيات سنية لجَس نبضها لقبول التكليف في حال اعتذر الحريري عن هذه المهمة.

 

كلّ هذه الاتهامات واهية، بحسب القريبين من عون «لأنّ الحريري يعلم جيداً مدى مرونة رئيس الجمهورية وعدم مطالبته بالثلث المعطّل».

 

وعن دعم أفرقاء نظرية فريق الحريري من أنّ عون يسعى الى «الثلث المعطّل» في الحكومة على رغم نَفيه ذلك وانخراطه في مبادرة حكومة الـ24 بلا ثلث معطّل التي اقترحها رئيس مجلس النواب نبيه بري ودخل على خطها وسطاء من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى «حزب الله»، يقول «عونيون»: «عنزة ولو طارت»، أخذوا موقفاً ويعملون عليه كجزء من الخطة المعتمدة لتحميل الرئيس عون مسؤولية تعطيل تأليف الحكومة، وهي غير محقّة أو صحيحة، فالرئيس دعا الحريري أكثر من مرّة الى القصر الجمهوري، للتحدث والتفاهم على التركيبة الحكومية على أسس الشراكة والميثاقية والتوازن والاختصاص الفعلي، لكن الحريري هو من ترك تشكيلة الـ18 وغادر ولم يعد». ويضيفون: «كلّ ما يُحكى عن تعطيل التأليف جزء من البروباغندا وحملة الأوركسترا التي تعمل لتوجيه تهمة التعطيل الى عون».

 

وما يُعزّز شعور عون بأنّ هناك حملة مبرمجة ومتكاملة للنيل من عهده، هو تشديد كثير من المسؤولين والديبلوماسيين الغربيين الذين يزورونه على ضرورة إجراء الاستحقاقات الانتخابية المقبلة في موعدها، مُعربين عن مخاوف لديهم من وجود نية لدى السلطة بعدم إجرائها، ولا سيما منها الانتخابات النيابية في 2022.

 

وتقول المصادر القريبة من عون: «هناك جهات لبنانية تدسّ لدى الدول أنّ هناك توجهاً الى عدم إجراء الانتخابات النيابية والبلدية في موعدها، وأنّ هذا سيؤدي الى التمديد لمجلس النواب وأنّ رئيس الجمهورية سيبقى في منصبه على رغم انتهاء ولايته.. وهذا الكلام يأتي ضمن الأوركسترا لِدس الأخبار والشائعات وتهييج الرأي العام، فيما الرئيس عون لم يقل: ليس هناك انتخابات، وأكد لجميع زواره الغربيين أنّ الانتخابات ستُجرى في وقتها».

 

الإستهداف واضح و»ليس قصة شعور»، بالنسبة الى المصادر القريبة من عون، فـ»هناك من يعمل للإساءة الى العهد في سنته الأخيرة والتركيز كلّه عليه، فيما أنّ هناك أموراً كثيرة ليس مسؤولاً عنها، ومنها الموضوع الاقتصادي والمالي الذي وصل الى هذا الوضع جرّاء تراكم سنوات، وبالتالي لماذا لا يحاسبون من كانوا يحكمون في السنوات السابقة؟». وتقول هذه المصادر: «كلّ القصة، فتّش عن التدقيق الجنائي المالي في مصرف لبنان، فحين طرحه الرئيس عون بدأ المعنيون يتحسسون رؤوسهم، وفُتحت الحملة، وإذا تراجع عن التدقيق الجنائي تتغيّر ردات فعل كثيرة، لكن طالما أنّ مسار التدقيق «ماشي» والرئيس مصرّ عليه وكلّما وضعوا عقبة يذلّلها، وكلّما تأخروا يلاحقهم، ستستمرّ الحملات التحريضية والأكاذيب ضده لأنّ وراءها «أوركسترا» متضرّرة من التدقيق الذي يكشف فسادهم وماذا فعلوا في البلد منذ التسعينات وتورّطهم بأعمال مرتبطين بها مباشرةً».

 

إنطلاقاً من ذك، حين التقى عون وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان خلال زيارته الأخيرة للبنان، قال له: «إذا كنتم تريدون مساعدة لبنان فعلياً، عليكم ان تجمدوا الاموال المسروقة والمنهوبة الموجودة في المصارف الفرنسية والأوروبية وهي لبعض الجهات التي سرقت الخزينة اللبنانية». هذا الكلام قاله عون أيضاً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وللمسؤولين الإيطاليين وجميع المسؤولين الأوروبيين، وذلك لأنّ المواجهة أمامه صعبة وتتطلّب مساعدة الدول التي ترغب فعلاً في مساعدة لبنان، لأنّ منظومة الفساد ما زالت في السلطة وفي مواقع أساسية، ومنها من هم في مواقع القرار».

 

أمّا بالنسبة الى العقوبات الأوروبية على معرقلي التأليف، التي ما زال الأوروبيون يلوّحون بها بلا ترجمة عملية، فيبدو أن لا اتفاق أوروبياً شاملاً عليها حتى الآن، ولم تصبح نهائية ولا تزال قيد الدرس، الإيطاليون على سبيل المثال ما زالوا يدرسون هذا القرار من كلّ جوانبه لأنّ خطوة من هذا النوع تتطلّب درساً متأنياً، وتُجري إيطاليا تقويماً لخطوات كهذه قبل أن تتخذها، لكي تقرر ما إذا كانت ستسير بها ضمن الاتحاد الأوروبي، بحسب ما تبلّغ عون من مسؤولين إيطاليين.