Site icon IMLebanon

رئيس الجمهورية مؤتمن على الدستور والسيادة قولاً وليس بالأفعال

 

عون يتجاوز الدستور ويدمر مؤسسات الدولة لحساب مصالحه الشخصية

 

 

يتعارض ادعاء رئيس الجمهورية ميشال عون بأنه المؤتمن على الدستور والسيادة الوطنية، مع ممارساته التي تتجاوز الدستور أو التحكم فيه لمصالحه الخاصة على حساب المصلحة الوطنية العامة كما يحصل هذه الأيام في تشكيل الحكومة الجديدة أو في إدارة شؤون الدولة بمسائل عديدة، كمسألة التفاوض على الحدود البحرية جنوباً مع إسرائيل.

 

فالمؤتمن على الدستور بالفعل، لا يوظف وجوده في رئاسة الجمهورية للاستئثار والقبض على الدستور لتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، لأن رئيس الحكومة المكلف لا يعجبه ولا يعجب صهره النائب جبران باسيل ولا يريد له ان ينجح بمهمته في تشكيل الحكومة الجديدة.

 

ولذلك، لا يهمه ان يعطل تشكيل الحكومة، ولا يزعجه انهيار مؤسسات الدولة، واحدة تلو الأخرى، ولا يتضايق من تدهور الأوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية للناس حتى حدود العوز وان يتنافس المواطنون للحصول على الدواء والمحروقات وكأنهم في حالة خراب ودمار.

 

هل المؤتمن على الدستور يمعن هو وفريقه في استهداف مؤسسات الدولة، الواحدة تلو الأخرى وبالدور وكأن هذا هو البرنامج الأساس لتولي رئاسة الجمهورية منذ وصول عون إلى سدة الرئاسة.

 

فالتصويب المتواصل على حاكم المصرف المركزي رياض سلامة لا ينطلق من هباء، بل هو ضمن مخطط مدروس بدأ منذ سنوات بطرح مرشّح عوني بديل لم يكتب له النجاح بتولي هذا المركز.

 

الاستهدافات تتواصل على مؤسسات الدولة الواحدة تلو الأخرى

 

ومع تعرض لبنان للأزمة المالية والاقتصادية، وبدلاً من تكاتف الجهود لحل الأزمة والتخفيف من ذيولها، لم تتوقف الحملات لاستهداف الحاكم برغم محاذير وسلبيات هذه التصرفات على معالجة الأزمة القائمة.

 

وهكذا توالت الاستهدافات لتتناول ركن أساسي من أركان الدولة اللبنانية، وهو ركن القضاء الذي تلقى الحيز الأكبر من برنامج تهديم مؤسسات الدولة اللبنانية، باحتجاز ورفض مشروع التشكيلات القضائية بحجة انه لم يراع المحسوبيات العونية في المراكز الحساسة والمفصلية التي تؤثر في الإمساك والتأثير والعمل القضائي ومفاعيله، وصولاً إلى حالة التمرد التي قادتها القاضية غادة عون ضد السلطة القضائية العليا والدور الذي لعبته مؤخراً لتوظيف القضاء لصالح الاستهدافات السياسية المكشوفة لرئيس التيار الوطني الحر ولغايات تتجاوز وتتعارض مع دور القضاء في إحقاق الحق وملاحقة المرتكبين، ناهيك عن العديد من التجاوزات والارتكابات في مواقع ووظائف أخرى.

 

لم يقتصر سوء الأداء الرئاسي وتجاوزات الدستور على القطاع المالي الرسمي بمواصلة التصويب على حاكم المصرف المركزي والسلطة القضائية، بل طالت حالة الانهيار الاقتصادي والمالي وتردي سعر صرف الليرة المؤسسات الوظيفية كافة بالدولة اللبنانية وفي مقدمتها المؤسسات الأمنية والعسكرية التي تدنت رواتب عناصرها وضباطها ومسؤوليها حتى الحدود الدنيا، وهي المؤسسات التي تتولى الحفاظ على الأمن والاستقرار وسيادة الدولة على كل أراضيها، ما اضطر المسؤولين عنها وفي مقدمتهم قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون للتواصل مع المسؤولين العسكريين من دول عديدة، صديقة وشقيقة للبنان, لتأمين مقومات صمود عناصر المؤسسة العسكرية وضباطها وتوفير مستلزمات دعم تماسكهم، لكي يستطيعوا القيام بالمهمات المنوطة بهم في حفظ الأمن والدفاع عن الوطن.

 

فكيف يتباهى رئيس الجمهورية بأنه المؤتمن على الدستور والسيادة وفي الوقت نفسه يقبض على الدستور ويتجاوزه ويعطل الدولة ويعرضها للانهيار بكل مؤسساتها لمصالحه ومصالح صهره مقابل وزير بالناقص أو وزير بالزائد، والمواطنون يذلون والدول تتصدق على الدولة اللبنانية بالمواد الغذائية والحاجات الضرورية لأفراد الجيش اللبناني في هذه الأيام؟

 

بالطبع ليست المرة الأولى التي يتعرّض فيها لبنان لمصادرة الدستور وتعطيله لمصلحة ميشال عون الشخصية على حساب المصلحة الوطنية العليا. أكثر من مرّة في الثمانينيات يذكر اللبنانيون مآثر ميشال عون بالحرب عليهم تحت شعار الحرب ضد السوريين ظاهرياً وبعدها كانت حرب الالغاء مع «القوات اللبنانية» وتهجير المسيحيين واللبنانيين واوائل التسعينيات، كانت مصيبة المصائب عندما رفض مغادرة القصر الجمهوري وتسليم السلطة لرئيس الجمهورية المنتخب يومذاك الياس الهراوي، وترك قوات الوصاية السورية تدمر القصر الجمهوري وتغدر بالجيش اللبناني وتقتل المئات من عناصره وتدخل إلى وزارة الدفاع الوطني لأول مرّة منذ تأسيس دولة لبنان، وكل ذلك في سبيل وصوله لسدة رئاسة الجمهورية.

 

كل هذه الوقائع تظهر بوضوح ان رئيس الجمهورية ليس مؤتمناً على الدستور ولا على السيادة، لأنه لو كان كذلك بالفعل، لما اوصل لبنان إلى حالة الجحيم التي يعيشها اللبنانيون حالياً، بكل مفاصل عيشهم.

 

فكل الشعارات التي يتغنى بها ويرددها لا تنطبق على الواقع، لا من قريب ولا من بعيد.