العهد يماطل بتشكيل الحكومة ويستعيض بسياسة الترقيع لمعالجة المشاكل
لم يعد خافياً على احد ان رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي يتبع اسلوب الترقيع في معالجة المشاكل والازمات المتواصلة التي باتت تتناول معظم نواحي حياة اللبنانيين وتهدد بانهيار البلد كله، وذلك لتحقيق هدفين اساسيين، اولهما التهرب من استحقاق تأليف حكومة جديدة، لا تلبي طموحات ومصالح وريثه السياسي النائب جبران باسيل في الاستئثار بمفاصل وقرارات هذه الحكومة والوزارة والمواقع النافذة فيها، والاهم ضمان حصول تفاهم سياسي مع القوى السياسية المؤثرة لحجز موقع متقدم له في الاستحقاق الرئاسي المقبل، ليستمر التيار الوطني الحر في حكم البلاد لولاية جديدة على الاقل، حفاظا على مكتسبات السنوات الاربع الماضية في المواقع المهمة بالدولة. اما الهدف الثاني فهو الاستمرار في حكم وادارة الدولة برأس واحد وبشكل منفرد في ظل استقالة حكومة حسان دياب التي تتولى القيام بتصريف الأعمال في نطاق ضيّق ضمن ما ينص عليه الدستور، متجاوزا الدستور والصلاحيات الرئاسية وساعيا الى تكريس بدع واعراف ملتوية تحت ذرائع ومسميات ظرفية، لا تتطابق مع الواقع والحقيقة.
ad
الأساليب الالتفافية للتهرّب من تشكيل الحكومة الجديدة لم يعد ممكناً لتجنّب انفجار المشاكل والأزمات
ولتحقيق هذا الهدف، تارة يدعو المجلس الاعلى للدفاع ليناقش مسائل وقضايا، لا علاقة لها بصلاحيات المجلس ومهامه الامنية والعسكرية، ويتخذ قرارات هي من صلاحيات مجلس الوزراء حصرا. وتارة يرأس اجتماعات مالية واقتصادية بغياب رئيس الحكومة والوزراء المعنيين في بعض الاحيان، ويتخذ قرارات تحت عناوين معالجة المشاكل والازمات المعيشية والاجتماعية المتردية، غالبا ما تصطدم برفض او تحفظات رئيس الحكومة والوزراء المعنيين لعدم صلاحيتها الدستورية والقانونية. ولتحقيق هذين الهدفين يتهرب رئيس الجمهورية من تشكيل الحكومة الجديدة، ويخترع الحجج والاسباب الملتوية وغير الدستورية، كما فعل منذ تسمية رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لتشكيل الحكومة العتيدة. وبالتوازي، يتبع العهد نهج الترقيع في معالجة المشاكل والازمات التي تتراكم يوميا وترهق كاهل المواطن، ويستبيح المحظورات التي لطالما شكلت رأس حربة انتقاداته وتياره لخصومه السياسيين في السنوات الماضية، وهي استدانة الدولة من المصرف المركزي. ولكن هذه المرة الاستدانة من الاحتياطي الالزامي، اي ان أموال اللبنانيين المودعة بالمصارف اصبحت مباحة، وهذا اخطر وأسوأ من الاستدانات السابقة بكثير. وبرغم كل هذا النهج المتبع، والاساليب الالتفافية للتهرب من استحقاق تشكيل الحكومة الجديدة واعادة انتظام الحياة السياسية بالحد الادنى، لم يعد ممكنا لتجنب انفجار المشاكل والازمات، التي لم تعد محصورة بملف او ناحية معيشية او اجتماعية محددة، بل طالت كل النواحي ومتطلبات العيش كله، وبالتالي لم تعد سياسة الترقيع للهروب الى الامام مفيدة، لان تراكم النقمة قارب الانفجار الشامل والماثل في كل القطاعات دون استثناء، والحل بالخروج من هذه اللامبالاة والاستهتار والمباشرة بخطوات سريعة لتشكيل الحكومة العتيدة قبل فوات الأوان.