IMLebanon

لماذا يتمسك رئيس الجمهورية بالاعتداء على مقام رئاسة الحكومة؟!

 

يتساءل الكثيرون: لماذا يصرّ فخامة رئيس الجمهورية على الاعتداء على مقام رئاسة الحكومة؟! إذ إنّ فخامته ومنذ كان رئيساً لحكومة عسكرية عام 1988، مهمتها الوحيدة، إجراء انتخابات اختيار رئيس للجمهورية، بعد انقضاء عهد الرئيس أمين الجميّل من دون انتخاب رئيس… وهو بالفعل قام بكل شيء، وتناسى المهمة الأساسية التي كُلّف من أجلها.

 

منذ ذلك التاريخ، والرئيس عون ينتهز الفرص، للانقضاض على موقع رئاسة الحكومة، والاعتداء عليه. أما ما جرى في الطائف، فهو شيء لا يعنيه، ويرفض الالتزام به… فبالرغم من أنه عطّل البلاد سنتين ونصف سنة، لأنّ «الحزب العظيم»، كان يبحث عن رئيس يخرّب لبنان… فلم يجد أفضل منه.

 

كنا نظن أنّ مشكلته هي مع الرئيس سعد الدين الحريري، بسبب صهره المدلل، وتحديداً بعد إعلان الرئيس الحريري أنه استقال، لأنه لا يستطيع أن يكون في حكومة واحدة مع جبران باسيل…

 

هنا بدأت المشكلة… وأكبر دليل على كلامنا هذا، ما جرى خلال تسعة أشهر، أي منذ أن كلف المجلس النيابي الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة…

 

ولنستعرض بعض أحداث هذه المرحلة… كان الرئيس الحريري مُصرّاً على حكومة اختصاصيين من 18 وزيراً، حسب المبادرة الفرنسية… وقدّم تشكيلة كاملة الى الرئيس عون… وحين تدخل دولة الرئيس نبيه بري بمبادرة كريمة وطنية، وافق الرئيس المكلف على تشكيل حكومة من 24 وزيراً… وبدأت العِصيّ توضع في دواليب التأليف:

 

– الثلث المعطل.

 

– لا لحصر وزارة المال بالشيعة.

 

– المطالبة بوزارتي الداخلية والعدل.

 

– والعمل على الاستئثار بالمالية لحرمان «الشيعة» منها. والأنكى من ذلك كله… طلبٌ «مستتر» لكنه حازم، لا توقيع لمرسوم التشكيل، إذا لم يكن الصهر العزيز في التشكيلة أو موافقاً عليها. وكثيراً ما كان موضوع المداورة «قميص عثمان» يلبسه الرئيس عون عند رفضه لأية تشكيلة.

 

أمام هذا الواقع، اضطر الحريري أن يعطي فخامته تشكيلة من 24 وزيراً حسب مبادرتي فرنسا والرئيس بري. وفوجئنا بأنّ فخامته رفض التشكيلة كونها غير ميثاقية ولا دستورية.

 

وكثيراً ما كان فخامته يصرّح أنه مستاء من كثرة أسفار الحريري الى روسيا والإمارات ومصر وتركيا وغيرها من الدول، وكأنه ينتقم منه، لأن فخامته لا يستطيع زيارة «فرن الشباك» على سبيل المثال نظراً لحالته الصحية.

 

وهل ينسى أحد ما فعله فخامته، حين أرسل درّاجاً يحمل كتاباً الى الرئيس الحريري ويعنونه «رئيس الحكومة السابق». ونتساءل: هل يحدث مثل هذا في مجاهل افريقيا أو في أي بلد آخر، حتى ولو كان بعيداً عن التحضّر.

 

ورغم هذا كله، حاول الرئيس سعد الدين الحريري بصبر وطول أناة وحكمة وطنية واضحة، العض على «الاصبع» لإنقاذ البلد… وفشلت كل المحاولات واعتذر الرئيس المكلف، ونعترف أننا كنا ضد الاعتذار، لأننا كنا نفضّل «أن يبقى قاعداً على قلب فخامته» حتى لا يشجعه على الاعتداء على موقع رئاسة الحكومة.

 

كنا نظن أن القصة انتهت عند هذا الحد بين الحريري وعون… لكننا فوجئنا بعد تكليف الرئيس ميقاتي بمدير عام القصر، يتلو بياناً يعلن فيه «استدعاء» ميقاتي لتكليفه… وحمدنا الله على ان فخامته، لم يستدعِ رئيس الحكومة عن طريق مذكرة جلب عبر وزارة العدل أو بواسطة درّاج. فما هذه الهرطقة وقلة الاحترام؟ وما هذا التعدّي السافر على موقع رئاسة الحكومة. وبخاصة ان تاريخ الرئيس المكلف نجيب ميقاتي حافل بتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة.

 

نتمنى أن نكون على خطأ، كما نتمنى أن يثبت الرئيس ميقاتي -ولو لمرة واحدة، في الحفاظ على كرامة موقع رئاسة الحكومة… وهو يعلم أنّ هذا الموقع ليس ملكاً له.. إذ قد يأتي يوم، يُسلّم الموقع الى آخر…

 

نتمنى على الرئيس المكلف، أن لا تمرّ هذه الحادثة بـ»تبويس لحى» أو تجاهل ما حدث…

 

كما نذكّر بأنّ دعوة الرئيس ميقاتي لجبران باسيل لتناول العشاء معه في منزله قبل التكليف، لم تكن ضرورية أبداً، لأنّ باسيل كان هو العقبة الكبرى في عرقلة تشكيل حكومة الرئيس الحريري…

 

نحن نصرّ على ان الدعوة الى العشاء لم تكن ضرورية، لأنّ باسيل تابع عرقلته للتشكيل، وأعلن أنّه لن يمنح حكومة ميقاتي الثقة.

 

ونسأل الرئيس ميقاتي: لماذا كان العشاء؟ وهل فتح مطعماً على «حسابه»، وبخاصة ان دولته مشهور بالكرم… فلماذا يصرف أمواله من دون جدوى..

 

أخيراً أقول: إنّ موقع رئاسة الحكومة فوق أي اعتبار… ومهما حاول عون وغيره، الاعتداء على هذا الموقع، فإنّ خطته ستنتهي بالفشل.

 

إنّ هدف عون «التعدّي على مقام رئيس الحكومة» ساقط حتماً، وسينتهي بفشل ذريع… والأيام بيننا.