Site icon IMLebanon

لا تخبروه عن الذهب

 

أي قرار رئاسي أسهل وأفعل: موافقة إستثنائية على تشكيلة حكومية، كانت لتوقف الإنهيار قبل سنة، لو لم ترضِ طموحات ولي العهد والطاقم الحاكم، أو موافقة إستثنائية على استدانة 225 مليون دولار تضاف إلى 200 مليون تبخرت واحترقت مع فيول الكهرباء في أقل من ثلاثة أشهر؟

 

ما هو الحل العملي الذي تقدم به رئيس الجمهورية غير شراء الوقت من أموال المودعين، وتأجيل الإرتطام الكبير؟

 

ماذا يجول في رأس الرئيس بين رسالة متلفزة وعظَة أمام باقة مختارة من الزوّار؟

 

ماذا يفكر الرئيس الجنرال بين تغريدة وأخرى. وبين إطلاق حكمة وتعزيزها بأخرى. وبين “سلوغان” و”لمعة” فلسفية؟ كيف يُترجم مثلاً هذا القول المأثور”بيت فيه فساد بدّو يتهدم ويتنضف حتى ترجع تعمرو”؟ قبل 32 عاماً، وفي لحظة وطنية لا تُنتسى قال دولة الرئيس عون بما معناه إنّ بيروت دُمّرت في خلال تاريخها الطويل سبع مرّات، وإنّه على استعداد لأن يدمّرها مرّةً ثامنةً بهدف إحيائها من جديد من تحت الردم. سبق الجنرال نزار قباني إلى درجة تدعو إلى الشك بأبوة قباني لقصيدة “يا ست الدنيا يا بيروت”. دُمرت بيروت مرة ثامنة في آخر الثمانينات ومرة تاسعة في حرب الـ 2006، ومرة عاشرة في انفجار لا يزال صداه مسموعاً في حزن الآباء وصوت الأولاد. والمريح أن أعمال التنضيف وشطف الدرج لا تزال أولوية. في 14 شهراً ستنضف جيوب اللبنانيين من آخر بارة. رجاءً لا تخبروا الرئيس عن الذهب الأصفر.

 

لا حاجة لأن يلجأ الجاهل مثلي في أمور المال وقانون النقد والتسليف والتشريع إلى خبير مالي واقتصادي، وسؤاله عن تبعات “الموافقة الكارثية” الأخيرة على المالية العامة وعلى وضع الإحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان، وعلى سمعة البلد المالية وتصنيفه الإئتماني. لكن ما يمكن أن أسأله كلبناني منذ أكثر من نصف قرن، ألا تحتاج باخرة نفط، إشترى حمولتها تُجار من بلد معاقب دولياً، إلى موافقة إستثنائية لترسو على شواطينا؟ ولا تحتاج الباخرة الفاخرة تلك إلى تشريع إستثنائي، لتصبح أرضاً لبنانية؟ أو تكفي فتوى سماحة المرشد الأعلى؟

 

في أي حال، أنا في انتظار الفيول الإيراني ملّيت، والرئيس نجيب ميقاتي، الطويل الأناة ملّ هو الآخر في انتظار موافقة إستثنائية على حكومة، كلما تأخّر تشكيلها يوماً، تأخرت أعمال التنضيف والشطف، شهراً، وكلما تأخر التنظيف شهراً، يستدين العهد 200 مليون دولار، أو 220، أو أكثر لأمرٍ طارئ وملحّ وحيوي، ويصنّف الإستدانة في خانة الحلول الموقتة لحياة إستثنائية، تُعاش فقط في بلد يتراقص على كفوف العفاريت والفرص الضائعة.