بصراحة، إنّ البيان الذي صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية يعطي صورة مغايرة لما يحصل في الواقع وذلك واضح وصريح للأسباب التالية:
أولاً: يتحدّث البيان عن احترام الأصول الدستورية في تشكيل الحكومة، وحتى احترام الأعراف التي نشأت الى جانبها.
هنا لا بد أن يوضح البيان، ما هي الاصول الدستورية التي يتكلم عنها، وماذا عن الأعراف التي نشأت الى جانبها؟
هذا الكلام «مطاط» له بداية وليست له نهاية، استعمله فخامته مع رفضه التشكيلة التي أعطاه إياها الرئيس المكلف مصطفى أديب، وكرّر هذا الكلام مرة ثانية وثالثة ورابعة مع الرئيس سعد الحريري من دون أن يحدّد «أين لم يحترم الرؤساء المكلفون الاصول الدستورية ولم يراعوا الأعراف المتّبعة؟».
وبالعودة الى الممارسات التي مارسها فخامته مع الرئيس الحريري لا بد أن نذكر كيف أنكر فخامته أن يكون قد تسلّم أية تشكيلة من الرئيس سعد الحريري، ما اضطر الرئيس الحريري الى عرض لائحة الأسماء والوزارات، تلك اللائحة التي قدّمها الى فخامته، وأعلن ذلك من القصر الجمهوري ومن على شاشة التلفزيون مباشرة..
ثانياً: أرسل مع درّاج رسالة الى دولة الرئيس المكلف يطلب حضوره، وهذا لم يحصل في التاريخ، إذ إنّ هذا التصرّف يدل على عدم لباقة يتعلق بآداب الاتصال بين الرؤساء. وبالرغم من ذلك صعد الرئيس الحريري الى قصر بعبدا ليتبيّـن له أنّ الهدف الحقيقي من ذاك التصرّف هو أنّ «فخامتو» يرفض أن يوقع مرسوم تشكيل الحكومة، والسبب الأول هو الثلث المعطل، ولأنّ التشكيلة لا تحظى بموافقة الصهر وسط تساؤل: كيف يتم تشكيل حكومة من دون الصهر؟ والأهم الحصول على أكبر عدد من الوزراء للصهر، والصهر لا يريد أن يعطي أي تأييد للحكومة؛ أي انه لا يريد منحها الثقة.
ثالثاً: وهنا الغرابة، فإنّ فخامته يدّعي حرصه على تشكيل حكومة، ولكن يبدو أنّ فخامته نسي أو تناسى اننا نعيش مع حكومة حسان دياب منذ سنتين، وأنّ الرئيس نجيب ميقاتي هو الرئيس الثالث الذي يُكلف بالتشكيل، فهل هذا يتناسب مع إحساسه بمعاناة الشعب؟
يا فخامة الرئيس منذ استقالة الرئيس الحريري وتكليف الرئيس حسان دياب وتشكيله حكومة واستقالتها نريد أن نذكرك بما حصل في الوطن، وماذا حصل مع الشعب اللبناني؟
أولاً: ألا يهزّ مشاعرك تفجير مرفأ بيروت ومقتل 218 مواطناً بريئاً وجرح أكثر من 5000 مواطن وتدمير ثلث العاصمة إضافة الى 300 ألف مواطن صاروا من دون منزل، كما هاجر 300 ألف مواطن؟!
ثانياً: ان أكبر كارثة في تاريخ لبنان الاقتصادي، توقف البنوك عن دفع أموال المودعين.
ثالثاً: صار سعر الدولار أكثر من عشرين ألف ليرة أي أنه ارتفع من 1500 ليرة للدولار الواحد ليصبح 20 ألف ليرة لبنانية.
رابعاً: هل تتذكر فخامتك عندما سألوك الى أين نحن ذاهبون؟ فكان جوابك واضحاً وصريحاً «الى جهنم».
هل سمعت في حياتك رئيساً يقول لشعبه: إننا ذاهبون الى جهنم بدل أن ينقذ شعبه بأية وسيلة؟ وإذا عجز كان عليه وبكل جرأة الرحيل والاستقالة ليترك رئيساً غيره ينقذ هذا الشعب المسكين الذي كان شعباً غنياً، فأصبح فقيراً بفضله وبفضل صهره الذي تسبّب فشله في إدارة ملف الكهرباء، بحيث أصبح دين الكهرباء فقط 65 مليار دولار.
خامساً: تتحدثون يا فخامة الرئيس عن الاصلاحات، فهل تناسيتم أنّ السنوات الخمس التي مرّت في عهدكم، لم يحدث فيها أي إصلاح؟
أم هل نسيتم أو تناسيتم أنّ عهدكم قد شارف على النهاية… وأنّ الاصلاحات كلها باتت في خبر كان؟
فخامة الرئيس، كفى استغباء للناس، كفى اللفّ والدوران والتخفّي وراء عبارة «ميثاقية»، وكفى الكلام عن الأعراف، فأنت ضد «الطائف» وتحاول بأية طريقة أن تنتقم منه وتحاول إلغاءه.
والأهم ادعاؤك بالتسريبات، فإنّ الذين يتحدثون عن تشكيل حكومة أو عدم تشكيلها، ويصرّحون بمعلومات عن القاضية غادة عون وبطولاتها الدونكيشوتية هم فريق العمل الذي يرأسه صهرك العزيز.
التاريخ لن يرحمك لأنك دخلت التاريخ، ولكن للأسف «بالعكس» إذ إنّ عهدك يمكن أن يُقال عنه، إنّه أسوأ عهد في تاريخ لبنان.
حكومة مهما دسّوا التفاؤل بين سطور يوميّات «عَلْعلة» التشكيل والتعطيل!