اليوم الاثنين ٢٠ ايلول، هو «يوم الثقة النيابية بحكومة معا للانقاذ» برئاسة نجيب ميقاتي، وسيمنح «البرلمان اللبناني» فرصة مناقشة البيان الوزاري، ومن ابرز عناوينه الشعبوية، تحسين وضع الطاقة والكهرباء ومعالجة ازمة المحروقات وتأمين الدواء ومعالجة وضع القطاعين الاستشفائي والتربوي وترسيم الحدود البحرية الجنوبية المتنازع عليه بين لبنان والكيان الاسرائيلي، وقد عادت الى الواجهة من جديد مع اعلان شركة «هاليبرتون» الاميركية فوزها بعقد خدمات متكاملة يلحظ حفر الابار النفطية ضمن المنطقة البحرية المتنازع عليها بين لبنان واسرائيل… في جلستين نيابيتين، نهارية ومسائية، في «قصر الاونيسكو»، دعا اليهما رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، ومن ثم التصويت على منحها الثقة، وهي مضمونة…
قبل يومين من موعد انعقاد الجلستين، اندفع رئيس الجمهورية ميشال عون، لـ»اصطياد الفرص»، كعادته، اذ عمد الى توظيف عقد «التدقيق الجنائي» ليطلق «وعد السنة الاخيرة من عهده، بأنها ستكون سنة الاصلاحات الحقيقية، بعدما تعذر خلال السنوات الماضية تحقيق ما كان يصبو اليه اللبنانيون…»؟! محملا «بعض المعنيين (لم يسمهم) الذين غلبوا مصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة…» ومتهما هؤلاء بأنهم «منظومة اقفلت الابواب في وجه اي اصلاح، ما وفر حماية الفاسدين والمرتكبين…»؟!
ما قاله الرئيس عون لم يكن اخبارا، ليتحرك القضاء المختص ويقوم بواجباته، وقد اثار استهزاء عديدين ممن واكبوا مسيرة العهد العوني، من الفها الى يائها، ولم يلحظوا بادرة اصلاح واحدة، وهو الذي امعن في مساعيه الانقلاب على «اتفاق الطائف» وتحويل مجلس الوزراء الى «شكلي» ممسوك من الرئاسة الاولى، التي كانت ما تزال، دليلا على فشل سيد العهد و اخفاقه في انجاز ما يساعد اللبنانيين على الخروج من مآزقهم وازماتهم، في ابشع صورها، سياسيا واقتصاديا وماليا وصحيا وخدماتيا، وهم امام محطات بيع المحروقات يقفون طوابير من الذل والمهانة والعار، للحصول على «نص تنكة بنزين» وليس في جيوبهم ما يكفي لشراء ربطة خبز، جراء انهيار العملة الوطنية امام حرب الدولا الاميركي على الليرة اللبنانية…
اللبنانيون، على وجه العموم، لم يجدوا ما يقولونه وهم يستمعون الى ما قاله العماد، سوى «صح النوم فخامة الرئيس الجنرال…» وقد اثارت مواقفه الاخيرة فيضا من الاسئلة والتساؤلات حول حجم هذه «البراءة» وصحتها ونظافة اكف المنظومة السياسية – المالية – الاحتكارية «القابضة على السلطة منذ سنوات… والجنرال يقدم نفسه على انه بريء من دم الصديق… ويغسل يديه من كل ما حصل و الت اليه الاوضاع» او انه غير مؤهل لهذا الموقع…
بالعودة الى السنوات الماضية، فإن الرئيس عون ركز كل اهتماماته على مطلب استعادة الصلاحيات الرئاسية ما قبل الطائف… وتصرف وكأن النظام في لبنان، رغم العديد من الثغرات، هو نظام رئاسي – ديكتاتوري لا ديموقراطي – برلماني… رغم ان الطائف اسس لنظام لبناني جديد يؤكد ان «لبنان وطن حر، سيد ومستقل ونهائي لجميع ابنائه، واحد ارضا وشعبا ومؤسسات، عربي الهوية والانتماء، جمهورية ديموقراطية – برلمانية، والشعب مصدر السلطات، يمارسها عبر الدستور، ونظامه يقوم على الفصل بين السلطات، وتوازنها وتعاونها… ومجلس النواب، هو السلطة التشريعية، يمارس الرقابة الشاملة على سياسة الحكومة واعمالها، ومؤكدا وجوب ان يضع مجلس النواب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، وتوزع المقاعد مناصفة بين المسيحيين والمسلمين… مع استحداث «مجلس شيوخ» تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية…
لم ينفذ شيء من كل ذلك، والقاصي والداني، في الداخل اللبناني والخارج الدولي والاقليمي، يدركون ان مكمن عرقلة الاصلاح والتغيير وعدم اطلاق مسيرة النهوض بالبلد تتمثل بالرئيس عون وفريقه وحلفائه… وهو الذي وضع عصيه في دواليب الحكومات السابقة التي كان شريكا نافذا فيها، مباشرة وعبر حلفائه بنسبة تقارب الثلثين… وقد مرت سنوات العهد العوني من غير اية اجراءات اصلاحية وانقاذية، والرئاسة الاولى تمضي غير عابئة بالمعالجات المطلوبة بإلحاح، والواجبة الوجوب والضرورية، واللبنانيون يعانون ما يعانونه من ازمات تكاد تفقدهم طعم الحياة…؟! وهم يخاطبون فخامته قائلين: «صح النوم جنرال…»؟! والانظار تتجه الى الاتي من الايام تنتظر ما ستكون عليه «حكومة معا للانقاذ…» وهل ستكون الثقة في محلها…؟!