ملامح مقايضة تنحية البيطار بضمانة مستقبل باسيل بالاستحقاقات المقبلة
جردة عامة بالفشل الذريع للعهد، طغت على خطاب الاستقلال الاخير لرئيس الجمهورية ميشال عون ، بكل القضايا والمسائل والشؤون التي تناولها، وكعادته،حاول تبرئة نفسه، والقاء مسؤولية هذا الفشل على خصومه السياسيين، من التعطيل المتعمد لتشكيل الحكومات على اختلافها، متجاهلا تجاوزاته الدستورية التي فاقت كل الحدود، لتعطيل تشكيل اكثر من حكومة «محاولة الرئيس سعد الحريري الاخيرة لتشكيل الحكومة،لما يقارب العام، وقبلها محاولة السفير مصطفى اديب، تحت شعارات وبدع ومطالب تعجيزية، ملتوية»، ذهبت سدى من عمر العهد، وعطلت على اللبنانيين فرصة نادرة لوقف الانهيار وحل الأزمة المتعددة الاوجه. تناسى عون كليا دور صهره النائب جبران باسيل بالتدخل وفرض بدع ومعايير غير دستورية للتعطيل، إلى الامعان بالتدخل بشؤون القضاء وتسييسه، وتجميده شخصيا لمرسوم التشكيلات القضائية التي اتت معاكسة لرغبات وطموحات فريقه السياسي، للاستئثار بالمواقع الاساسيةلاستغلالها بتصفية الحسابات السياسية، ناهيك عن تكرار معزوفة تحميل السياسات المتبعة منذ ثلاثين سنة، مسؤولية الازمة والتردي المالي والاقتصادي والمعيشي، وتعميم الفساد المعشعش في مؤسسات الدولة. وكأن عون، لم يتول هو شخصيا مسؤولية رسمية، منذ رئاسة الحكومة بنهاية ثمانينات القرن الماضي، وفي سجله تحويلات بملايين الدولارات من خزينة الدولة الى حساباته الشخصية بفرنسا، لم يعرف مصيرها، الى السنوات الخمس الماضية بالرئاسة، بينما تولى صهره باسيل وزارةالطاقة لاكثر من عشر سنوات متتالية، واهدر عشرات مليارات الدولارات على الجيوب والمنتفعين، وبدلا من النهوض بقطاع الكهرباء نحو الافضل، عمم الظلام والعتمة على اللبنانيين،باكبر انجاز كارثي ،يضاف الى سجل كوارث العهد التي يعيشها اللبنانيون اليوم.
من يسمع رئيس الجمهورية بدعوته اللبنانيين للتلاقي ونبذ الخلافات والكراهية فيما بينهم، ويتهم بعض الاعلام بتزكيتها، يتساءل باستغراب، لماذا لم يطبق عون هذا المبدأ، طوال ولايته، واستهلك عهده بالمعارك الوهمية، وخاصم اكثرية الاطراف السياسيين، بينما تولى صهره، تأجيج الخصومات والعصبيات الطائفية،مع والشركاء والخصوم، وبعض حلفائه، حتى اصبح العهد وتياره منبوذا،بلا حليف فعلي،او صديق في الوقت الحاضر.
ما تضمنته جردة العهد الفاشلة، المغلفة برداء المظلومية المزيف، والحرص الوهمي على مصلحة البلد والناس، محاولة استدراج مقايضة،مستترة، موجهة لحزب الله، لاعادة تعويم وضمان مستقبل صهر رئيس الجمهورية، النائب جبران باسيل،ان كان بالانتخابات النيابية المقبلة، او ما بعدها في الاستحقاق الرئاسي. فعندما وجه رئيس الجمهورية اتهامه لمن يعطل جلسات مجلس الوزراء، من دون أن يسمي الحزب بالاسم،وفي الوقت نفسه، أعاد التأكيد بأن اي مشكلة، يمكن حلها من خلال الدستور، ما يعني استمرار تمسك عون بموقفه،ورفضه العلني، لاتخاذ اي اجراء بمجلس الوزراء للانصياع لمطلب الحزب بتنحية القاضي بيطار عن مهمته،ولكن يفهم من هذا الكلام ايضا، الاستعداد للبحث عمليا، في اعادة النظر بهذا الشرط ، وفتح الباب، امام ايجاد الحلول المطلوبة لهذه المشكلة، ولكن مايتبقى هو المقابل السياسي لهذه الحلحلة، وكيفية توظيفها لصالح باسيل.
هذا ما أراد عون تمريره في ثنايا خطاب الوداع الاستقلال الاخير للسنة السادسة للعهد،وهي الرسالة التي تهم رئيس الجمهورية تحديدا، دون غيرها،ولكن تمريرها منفصلة، سيتسبب بردود فعل سلبية، قد تكون اضرارها،وتداعياتها، تفوق فوائدها.
لذلك، كانت مناسبة الخطاب، مؤاتية لتمريرها، فيما يبقى تسويقها، وتحصيل مردودها السياسي.
مهما يكن، ومهما حاول رئيس الجمهورية الاستعانة بعبارات استعطاف الناس،في مناسبة عزيزة عليهم كذكرى الاستقلال، لم يعد معظم اللبنانيين، يثقون بأي وعد اوالتزام يتعهد به رئيس الجمهورية ميشال عون، بعدما اخفق في تنفيذ كل الوعود والشعارات الوردية الطنانة التي اغدقها على اللبنانيين منذ توليه سدة الرئاسة قبل خمس سنوات وحتى اليوم،ولم يحقق اي منها،حتى ابسطها.
كان الاجدى لرئيس الجمهورية إظهار اي انجاز، مهما كان بسيطا، لتبيض جزء من سجله السوداوي الفاشل والمدمر، او حتى ابداء الأسف لفشله، او تقديم إعتذاره من اللبنانيين على سوء ادائه، بدلا من القاء مسؤولية فشله على الخصوم، ككل مرة.