Site icon IMLebanon

عون عاتب على “حزب الله” و”الجو المكهرب” يوقف اجتماعات اللجنة المشتركة بين الحليفين

 

إذا انعدمت المخارج فقد يكون يوم غدٍ مفصلياً بالنظر لانتهاء مهلة المجلس الدستوري للنظر في الطعن المقدم اليه من “التيار الوطني الحر” في قانون الانتخابات النيابية. الصورة غير واضحة بعد. حتى آخر اجتماعاته كانت آراء الاعضاء متباينة بما يصعب الخروج بقرار موحد. التوقعات ان يستبق المجلس اجتماعه النهائي غداً باجتماع اليوم تمهيداً لجلسة الغد. في هذا الوقت تفاوتت الآراء بين فئة تتوقع تغيّب الاعضاء الشيعة لنكون امام جلسة فاقدة للميثاقية، وأخرى تتوقع ردّه، اما اذا تعادلت الأصوات ولم يصدر القرار فذلك يعني حكماً ان التعديلات على قانون الانتخاب نافذة. مشكلة جديدة تصعب الحل بعدما رفض “التيار الوطني الحر” المقايضة بين قرار “الدستوري” وهيئة محاكمة الرؤساء والنواب والوزراء النيابية، ما زاد من حدة التوتر بين رئيسي الجمهورية ومجلس النواب ميشال عون ونبيه بري على خلفية اتهام بري الضمني لعون و”التيار الوطني”، بتعطيل اي طرح لتسوية تؤمن العودة الى طاولة مجلس الوزراء.

 

كلما استكمل الثنائي الشيعي مشواره في البحث عن مخرج لقضية المحقّق العدلي طارق البيطار وجد الامر مستحيلاً. والمستحيل هذا يتسبّب حكماً بتوسيع مساحة الخلاف بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. لم يعد خافياً ان عون يشعر بضيق وانزعاج كبيرين بسبب تعطيل جلسات مجلس الوزارء ولا يجد مبرراً لحليفه، اي “حزب الله”، في المضي بتعطيل ما تبقى من عهده. صار لديه شبه قناعة بوجود تواطؤ بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتعطيل الحكومة وتسيير الشؤون المهمة بالمراسيم الاستثنائية. و”حزب الله” الشاهد على الواقع والذي تبلّغ استياء عون وعتبه الكبير يستعين على الحلّ بقول ان لا حول ولا قوة الا بالله، العين بصيرة واليد قصيرة.

 

تبرير لا يقنع عون ولا “التيار الوطني الحر” الذي صار نوابه أعجز من الدفاع عن حليفهم. بين “التيار” و”حزب الله” مشكلة حقيقية اليوم يعبّر عنها توقف اجتماعات اللجنة المشتركة التي كانت شرعت في مراجعة تفاهم مار مخايل بهدف تطويره. لم يعد من مبرر لهكذا اجتماعات صورية بينما بلغ التباعد مداه بين الطرفين وإن تجنّبا الاعتراف بذلك. طرف ذهب بعيداً في اعلان حربه على المحقق العدلي وآخر لم يستوعب بعد ان حليفه الاقرب يشارك في تعطيل ما تبقى من عهده ويساعد في اضعافه، لأجل حليفه الثاني وهو الرئيس بري.

 

في قضية البيطار يقف عون و”حزب الله” على طرفي نقيض في مقاربة الموضوع. وبينما يحاول الثنائي البحث عن مخارج بطرح المقايضة بين قرار المجلس الدستوري وجلسة نيابية لاخراج ملف محاكمة الرؤساء والوزراء والنواب من يد المحقق العدلي، يعتبر “التيار الوطني الحر” ان المقايضة غير ممكنة هنا وان بامكان بري الدعوة الى جلسة سيحضرها “التيار” لتأمين النصاب من دون ان يصوت على القرار.

 

يشكل قرار المجلس الدستوري غداً الثلثاء محطة مفصلية في حال رد الطعن بقانون الانتخاب، ما سيوسّع الشرخ بين الثنائي وعون الذي يشكو اصلاً من عدم تعاون “حزب الله” معه بموضوع مجلس الوزراء، ويتهمه بالتعطيل بينما يتهم الثنائي الشيعي عون و”التيار الوطني” بتعطيل الوصول الى تسوية بملف البيطار، ويعبّر “حزب الله” عن انزعاجه كلما خرج نائب في “التيار” بموقف ضد الثنائي. بات الامتعاض كبيراً حتى في وسط اكثر المتحمسين لـ”حزب الله” والمدافعين الشرسين عنه، لدرجة ان احد النواب لم يعد همّه التحالف مع الثنائي لتمرير الانتخابات “بدّي خوض الانتخابات بأصوات المسيحيين حتى ولو خسرت”.

 

داخل “التيار”، هناك من يشعر ان “حزب الله” بات يؤذي حليفه المسيحي امام خصومه السياسيين وان حضوره كحليف لم يعد يتعدى العشرين بالمئة في الوسط المسيحي. يرفض “التيار” عموماً اعتباره مشاركاً او معنياً بعمل المحقّق العدلي، والحلّ لقضيته لا يمكن ان يكون الا من خلال مجلس القضاء الاعلى وليس مجلس الوزراء، ولا يمكن لأي مسيحي ان يصوّت على عزل قاضٍ يريد توقيف مسؤولين عن انفجار الرابع من آب الذي احدث زلزالاً في الوسط المسيحي.

 

ربط مصير الحكومة بالتحقيق يخرج عون و”التيار” عن طورهما لان ذلك يعرّيهما مسيحياً. صعد الثنائي على الشجرة ويريدان من عون انزالهما عنها وهذا مستحيل كما يبدو، حتى ولو كانت الضريبة موقع “التيار” في الانتخابات النيابية. في الوضع الحالي لا يمكن لـ”التيار” ان يخوض الانتخابات النيابية بالتحالف مع الثنائي ولن يلتقي حكماً مع “حركة أمل”. ملامة “التيار” على “حزب الله” انه يغطي شريكه في الثنائي، واذا استمرّت الحال على ما هي عليه فقد تكون النتيجة بان يحكم الثنائي بالتعاون مع “القوات”.

 

أيا كان الثمن فان عون لن يقبل بالتدخل في السلطة القضائية لطلب تنحي قاضٍ لا سلطة لمجلس الوزراء عليه، واذا ارادوا تنحيته ليقدّم القضاة الشيعة استقالة جماعية.

 

صعّب “حزب الله” الوضع على “التيار الوطني”، ويكون مخطئاً اذا اعتقد ان العلاج يكون بمونة جبران باسيل على المسيحيين، لان شارعه المسيحي خرج من يده ولم يعد بمقدوره اعادته الى ما كان عليه منذ ما بعد حرب تموز حتى الامس القريب.

 

“الجو المكهرب” بين “حزب الله” و”التيار” لا سبيل لحله الا بعد ايجاد مخرج للمحقق العدلي والعودة الى طاولة مجلس الوزراء، والحل لن يكون سياسياً بل هو متوقف حسب ما يراه مصدر قضائي على مجلس القضاء الاعلى، بأن يستعيد زمام المبادرة ويثبت حضوره كحكم ويتولى انقاذ البلد، فهل هو بهذا الوارد؟