يكاد لبنان يندثر وتكاد الهجرة تفني وجود الموارنة في لبنان وصحيح أنّ المسيحيّين عامّة والموارنة خاصّة هاجروا جماعات في عهديْن عاصرا فيهما العماد ميشال عون وفي الحالتيْن تظلّ واحدة من أسوأ الصفات التي تمظهرت فيها المدرسة العونية في السياسة هي «الهوبرة للجنرال» عدا عن ممارسة الإحتيال السياسي والالتفاف على المواقف، للأسف هذه السياسة من يوم دخلت شعبيّة «الهوبرة» الحياة السياسية اللبنانيّة كان عدم توقير لا كبير ولا صغير ولا مقام ولا حرمة قلنسوة ولا عمامة شيمتها هذا عدا عن التطاول وتوجيه الإهانات في مخاطبة الخصوم السياسيّين عموماً، كلّ شيء مباح في هذه المدرسة المكيافيلّيّة التي تبرّر فيها الغاية الوسيلة، مشهد الأمس في الجميّزة خلال الاحتفال البروتوكولي السنوي بـ»شفيع الطّائفة المارونيّة» أيقظ ذاكرة كلّ الممارسات العونيّة وغالباً دفع لبنان أثمان هذه «الهوبرة» ألواناً من الخراب قديماً والانهيار حاليّاً.. ليس مبرّراً أبداً المشهد الذي خرق هدوء الصمت الكنسي وهيبة الاحتفال هل يحتاج رئيس الجمهوريّة إلى مجموعة «هوبرجيّة» ينزعون في كلّ مرة صفة الحكم والرّئيس فوق جميع الأطراف لينزلونه إلى مستوى طرف يعني من حضور هزيل، أيّ «هوبرة» لعهد تعيش في زمنه البلاد أسوأ أيّامها وأزماتها وآخر انهياراتها ويكاد هذا العهد يختم صفحته بفناء لبنان الذي نعرفه!
ولنبقَ حول المناسبة نفسها لأنّنا أمام نهاية عهد يحاول توريث صهره الرّئاسة وفي حال نجحت المحاولة أو فشلت، وفي حال نجا لبنان من الاندثار واستمرّ بشكله المعروف سيكون أمام أزمة كبرى كالفراغ الذي عاشه لمدة عامين ونصف من التعطيل والفراغ انتهتا بالاستسلام على أمل إنقاذ الجمهورية لانتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً، وبالطّبع كان الجمل بنيّة والجمّال بنيّة فوصلت الأمور إلى ما وصلنا إليه، سينتهي العهد وحتى الآن الفراغ والغموض يحيطان بشكل الأزمة المقبلة خصوصاً أنّ الموارنة عوّدونا على أنّ شهيّة الجميع في الطّائفة مفتوحة وضعيفة أمام انتخابات الرّئاسة، الموارنة الذين احتفلوا بالأمس بذكرى أبي الطائفة ومؤسّس وجودهم وكيانهم في لبنان وصلوا إلى لحظة مؤلمة يختار فيها حزب الله رئيسهم ويرشّحه ويأتي به إلى قصر بعبدا ومهما ادّعى من أتى به الحزب أنّه القويّ بل الأقوى تمثيلاً!
بعد أشهر قليلة سيجد الموارنة أنفسهم أمام معركة طاحنة يتسابقون فيها للنّزال فهل سيعيدون بكركي وبطريركها إلى نظريّة الأربعة الأقوياء؟ وهل سيطحنون معهم لبنان الذي لا يحتمل أيّ فراغ أو فوضى أو فرض لمن يدين لإيران بالولاء، هل سنذهب إلى فراغ يُعطّل الحياة السياسيّة ونعود إلى نغمة «يحكم مجلس الوزراء مجتمعاً لبنان» لأنّ البعض سيغامر بلبنان من أجل مصلحة شخصيّة وأنانيّة باتت هي أساس الممارسة السياسة، وقبل كلّ هذه الأسئلة وقد يكون أهمّها:هل سيتمكّن لبنان والموارنة من الاحتفال بعيد مار مارون، أخاف أن أقول: أشكّ في ذلك؟!