Site icon IMLebanon

الجيش والقضاء والمصرف المركزي تحت مرمى عون وحزب الله

 

رؤساء المؤسسات المستهدفة هم مرشحون للرئاسة بوجه وريث العهد

 

 

التناوب بين رئيس الجمهورية ميشال عون وحزب الله على التصويب المتواصل، واستهداف مؤسسات الدولة، نهج متفق عليه، بدأ قبل وصول عون الى رئاسة الجمهورية، وما يزال مستمرا، بوتيرة متسارعة، بهدف إفراغ هذه المؤسسات من فاعليتها وتاثيرها واضعافها، وشل فاعليتها الى الحدود الدنيا، ليسهل على كلا الطرفين ابقاء سيطرتهما، على مقدرات وقرار الدولة، مستفيدين من الواقع السياسي الهش وغير المتوازن، وأجواء الفوضى وعدم الاستقرار محليا واقليميا ودوليا.

 

تركز مسار تدمير الدولة، على ثلاث مؤسسات رئيسة، تشكل العمود الفقري، والركيزة الأساس والضامنة لأي دولة كانت في العالم وهي: الجيش اللبناني والقوى الامنية، القضاء والمصرف المركزي.

 

ويلاحظ بوضوح ان هذه المؤسسات الثلاث، يتم استهدافها تدريجيا مداورة، بين عون وتياره، وبين حزب الله، ولكل مؤسسة دورها والتهم المفبركة الجاهزة ضدها.

 

الدوران في حلقة الفراغ المؤسساتي طموح عون للاستمرار بالرئاسة

 

البداية، كانت باستهداف حزب الله المنظم والمتواصل لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بعد فرض العقوبات الاميركية على الحزب منذ سنوات، وتصاعدت الحملات السياسية والاعلامية على الحاكم، بعد انتفاضة المواطنين عام ٢٠١٩، في محاولة لتنصل العهد العوني وحزب الله من مسؤوليتهما المشتركة بالانهيار الحاصل، بفعل ممارساتهما بتعطيل السلطة، وعرقلة الاصلاحات والإجراءات والتدابير المطلوبة للنهوض بالوضع الاقتصادي، واستباحة المعابر الشرعية وغيرها، ومحاولتهما تحميل الحاكم مسؤولية الانهيار المالي منفردا.

 

ومنذ مدة طويلة، لوحظ أيضا تصاعد حملات رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، ضد الحاكم، بشكل ممنهج، مع تحريض وتوجيه مكشوف لقضاء العهد الموجه، لاستهدافه والنيل منه بشتى الوسائل الخارجة عن المألوف، بالتزامن مع المطالبة، سراً وعلانية لاستبداله من منصبه، وتعيين بديل عوني مكانه، ولكن من دون جدوى، الى ان وصلت الامور الى التصرف بعقلية بوليسية وديكتاتورية، خارجة عن القوانين، لملاحقته والتشهير به امام الرأي العام، ما أثار موجة استياء عارمة ضد هذه الممارسات والسلوكيات التي تتعارض كليا مع الدستور والنظام الديمقراطي والقوانين المرعية الاجراء.

 

اما الركيزة الثانية، فهي القضاء، الذي كان له الحصة الوازنة من الاستهداف والتصويب عليه، منذ بداية العهد الذي تدخل بشكل فظ، لالحاق وتركيز عدد من القضاة المحسوبين عليه في مواقع ومراكز حساسة، يوجههم للنيل من خصومه السياسيين، ويوعز اليهم بفبركة ملفات ضدهم، بهدف اضعافهم وتصفية الحسابات السياسية معهم، كما يحصل اليوم في ملف حاكم مصرف لبنان، او المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، بينما تمظهرت أبرز سلوكيات اضعاف القضاء، بامتناع رئيس الجمهورية عن التوقيع على التشكيلات القضائية، لانها لم تفصّل على قياس رغباته ومصالحه الشخصية. وهذه كانت من ابرز الممارسات المكشوفة لابقاء القضاء مشلولا وعاجزا عن القيام بالدور المطلوب منه، لانتظام مسار الدولة، وتحقيق العدالة وحفظ حقوق المواطنين.

 

لم يقتصر استهداف القضاء على عون وتياره، بل كان لحزب الله النصيب الاكبر بالتصويب عليه، واستهدافه بانتظام في حملة بلغت مداها، بملف تفجير مرفأ بيروت وملحقاته، ولا تزال حملات الحزب وتهديداته تتوالى على الجسم القضائي، من أعلى مواقعه ليشمل جميع القضاة المكلفين بتحقيقات المرفا وتشعباته.

 

وتبقى الركيزة الثالثة والاهم وهي الجيش اللبناني الذي تستهدفه السهام المباشرة والمبطنة من وقت لاخر، وتصوب على قائده بانتظام، بالمجالس الضيقة، او بالرسائل المرمزة، لابداء الاستياء الضمني، لعدم اندماجه بتصرفات وسياسات الوريث السياسي للعهد، كما هي حال بعض الأجهزة الامنية المطواعة، او لتحييده عن الاستحقاق الرئاسي المقبل، بينما كشفت الحملات المركزة التي شنها عدد من قادة حزب الله تباعا، واخرهم الامين العام لحزب الله حسن نصرالله على الجيش والتصويب عليه من باب علاقاته مع الولايات المتحدة الأمريكية، النوايا المبيتة تجاهه من نواح عدة، رئاسيا من جهة الاستحقاق المقبل، ولكن الاهم هو، الخشية من تنامي الدور المستقبلي للجيش، وتوسعه للامساك بزمام الامن على مساحة لبنان كله، ومدى تأثيره في كبح وضعية تفلت السلاح غير الشرعي للحزب وحلفائه، مع تصاعد وتيرة الصفقات والمقايضات الاقليمية والدولية. بينما يلاحظ ان تصويب نصر الله على علاقة الجيش بالولايات المتحدة، قوبل بردود ونتائج عكسية، وزاد من الالتفاف حول الجيش، ومطالبته بدور اوسع لمواجهة تفلت سلاح الحزب ودوره بالهيمنة السياسية باعتبار ان علاقة الجيش مع الولايات المتحدة الأمريكية، لا تحصل مواربة او بالخفاء، وانما هي علنية، ومن ضمن سياسة الدولة اللبنانية الرسمية، وليس خارجها، والاهم ان اكبر ومعظم المساعدات العسكرية التي يحصل عليها الجيش، هي من هذه الدولة، في حين ان ارتباط حزب الله بدولة اجنبية، تحت مبررات المقاومة المنتهية صلاحيتها، خارج اطار الدستور والقوانين اللبنانية، هو المطلوب مساءلته ووضع حد له، لانه يهدد امن واستقرار لبنان ووحدته، داخليا وخارجيا.

 

وتبقى المفارقة اللافتة، في التوصيف العوني للانهيار المؤسساتي، بأنه متعمد ومطلوب بمفهوم الديماغوجيا العونية، تحت يافطة ازالة كل مخلفات السياسات السابقة وانجازات الطائف، واعادة بناء الدولة ومؤسساتها، على أسس الرؤية والاستراتيجية العونية الوهمية، وهذا يجسد ويعبر عن قمة الفشل وادارة السلطة التي حصدها العهد بممارساته وسياساته المتبعة، قبل الرئاسة وخلالها، وكلها سوداوية وفاشلة، وملف الكهرباء يشكل ذروتها في ظل العتمة التي يكابدها اللبنانيون حاليا.

 

اما المفارقة اللافتة فيما يحصل ان رؤساء المؤسسات الثلاث الكبرى المستهدفة، هم من الموارنة، وهذا يعني انهم من بين المطروحين، او المرشحين المحتملين لانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة بعد اشهر معدودة، وبموقع المنافسة للوريث السياسي للعهد النائب جبران باسيل اولا، وبعده باقي المرشحين المطروحين. ولذلك لن يكون مستغربا، ان يكون استهدافهم من جانبين، لاضعاف مؤسساتهم ومصادرة دورها، ومحاولة ابتزاز اي مرشح محتمل منهما للرئاسة. ولذلك تتصاعد وتيرة الهجمة العونية اولا ضد كل منهم، بالتزامن مع حملات حزب الله ثانيا، بهدف ابتزازهم مسبقا، ومحاولة أبقائهم تحت هيمنتهما.

 

ولذلك، لا يمكن الاستهانة باستهداف المؤسسات، الركائز الثلاث للبلد، لابقاء الدولة مشلولة وعاجزة عن القيام بمسؤولياتها الطبيعية، لتكريس واقع هيمنة سلاح حزب الله الايراني غير الشرعي حسب طموحات وخطط الحزب الاستراتيجية، وكذلك الدوران في حلقة الفراغ المؤسساتي، الذي يطمح اليه رئيس الجمهورية ميشال عون باستمرار على أمل ان يحقق امنيته بالاستمرار بالرئاسة بعد انتهاء ولايته، مع علمه باستحالة ما يطمح اليه هذه المرة.