ليست المرّة الأولى التي يفشل فيها فخامة الرئيس ميشال عون بإدارة الحكم.. إذ انه في المرة الأولى، عندما عيّنه الرئيس أمين الجميّل رئيساً للحكومة العسكرية نكاية بالرئيس حافظ الأسد يومذاك، فشل في المهمة التي كلف بها بالتحضير لانتخاب رئيس جمهورية جديد. ما فعله فخامة الرئيس في ذلك الوقت شنّ حربين: حرب التحرير وحرب الإلغاء، إضافة الى حرب تكسير رأس حافظ الأسد… هذه المعركة التي كان ثمنها الهرب من قصر بعبدا بالبيجاما الى السفارة الفرنسية في مار تقلا.
طبعاً علينا أنْ نتذكر أنّ هذه كانت أسوأ مرحلة في الحرب اللبنانية، بل هي أسوأ من الاحتلال الاسرائيلي. إذ دمّر الجنرال في سعيه للبقاء في الحكم المنطقة الشرقية تدميراً لم تشهده منطقة في التاريخ فهجّر 300 ألف مسيحي الى أوروبا وبخاصة الى فرنسا والدول العربية.
خلال هروبه الى السفارة الفرنسية قال لي أحد ضباط المخابرات الفرنسية من الذين كانوا يخططون لطريقة خروجه من لبنان وذهابه الى فرنسا، وتحديد الشروط التي اتُّفِق عليها: «إنّ الجنرال عون يتمتع بعقل شيطاني، إذ ان تفكيره خلال البحث عن الحل يتجه نحو التدمير، فهو متردّد في قراراته لكنك لا تستطيع أن تتفق معه على شيء لأنه يتراجع بسرعة».
المرة الثانية عندما انتظر اللبنانيون عامين ونصف عام من دون رئيس لأنّ السيّد كان يقول: إما أن تنتخبوا ميشال عون أو لا انتخاب. وبالتأكيد رضخ الجميع وأوّلهم الدكتور سمير جعجع بالرغم من تجربته الـمُرّة معه في حرب السنتين، ولا أعلم كيف استطاع الحكيم أن يذهب الى اتفاق هو أسوأ اتفاق في التاريخ، وأن يُبْرِم اتفاقاً مع الجنرال الذي لم يلتزم في يوم من الأيام بأي اتفاق إذا لم يكن لصالحه فقط.
على كل حال، وكما هو متوقع فشل العهد بمجرد انه ترك صهره، الذي سقط في الانتخابات النيابية مرتين يتصرف كما يشاء وهو الذي غيّر قانون الانتخاب كي يستطيع النجاح بقانون عجيب غريب وهجين. على كل حال فإنّ الصهر هو عنوان الفشل في كل ما تسلمّه من مناصب.. تسلم وزارة الاتصالات فتراجعت المداخيل الى النصف، تسلم وزارة الكهرباء أطول مدّة في تاريخ لبنان وكان يعد بكهرباء 24/24.
الانجاز الوحيد هو خسائر وديون بقيمة 65 مليار دولار، لأسباب متعددة، والمصيبة أنّ ساعات التغذية وصلت الى الصفر في الوقت الراهن.
فخامة الرئيس كان صادقاً في أمر واحد، هو عندما سألوه: الى أين نحن ذاهبون؟ فكان جوابه: الى جهنم.
أمام هذا الفشل الكبير له ولصهره جاء استحقاق الانتخابات.. فماذا سيفعل؟ طبعاً… العقل الشرير قاده الى القطاع المصرفي ليحمّله مسؤولية فشله فصمّم على الانتقام من الحاكم رياض سلامة الذي يُعَدّ مرشحاً طبيعياً ومهماً لرئاسة الجمهورية.
من هنا بدأ افتعال المشاكل مع المصارف وتحميلها المسؤولية عن الودائع، ووضع المصارف في دائرة الاتهام أمام الناس.
هنا لا يستطيع أحد أن يلوم الناس خاصة وأنّ هناك حالات لا يمكن قبولها، والأنكى ان ما حصل في لبنان لم يحصل في أي بلد من بلدان العالم.
أسوأ ما في النظام أنه عندما يستغل القضاء للانتقام من المسؤولين الناجحين. والأسوأ استعمال سلطة يجب أن تكون بعيدة عن السياسة واستغلالها في أمور سياسية.
ولم يكتفِ فخامة الرئيس بذلك بل ذهب الى ابتزاز حلفائه وبخاصة «الحزب» عدة مرات:
المرة الأولى كانت عندما كان السيّد يقول إنه مصرّ على الرئيس ميشال عون، وهنا لا بد من القول، إنّ الرئيس فعلاً كان يستغل السيّد، لكن السيّد كان يعتبر وصول الرئيس عون مستحيلاً بالرغم من تصريحه لأنه كان يعلم علم اليقين ان وصوله شبه مستحيل.
المرة الثانية والثالثة في الانتخابات النيابية… في البداية كان موقف السيّد بارداً خاصة وأنّ فخامته كان يحاول أن يبتز السيّد بموضوع المرفأ، ولو أراد فخامته لكان تخلّى عن القاضي بيطار. لكنه استعمله كورقة ضغط على «الحزب» ونجح في ذلك.
وبالعودة الى الانتخابات يبدو أنّ البرودة تحوّلت الى «حماوة» لأنّ السيّد يريد إقفال ملف المرفأ. ومن ناحية ثانية جاءت قضية ترسيم الحدود، لتزيد الابتزاز سخونة.
تشابكت الأمور، وأصبحنا لا نعرف «مين مع مين ومين ضد مين» ولكن يبدو أنّ عزوف الرئيس سعد الحريري فتح شهيّة «الحزب» على الاستئثار بالانتخابات… غياب الرئيس الحريري عن الساحة تركها فارغة من المرشحين الجديين ولم يعد إلاّ الذين يكذبون… يهاجم «الحزب» ويتوعّد ثم بعد انتهاء كل تصريح يذهب مباشرة الى «الحزب» للاعتذار والقول إنّ عنده مصالح في المملكة، أرجو أن تقدّروا ذلك ولكن أنا معكم.
في النهاية يا فخامة الرئيس… الاعتداء على الناجحين، لا يمكن أن يحقق لك النجاح.. لأنك أثبَتّ
بالدليل القاطع انك رجل فاشل في الحكم وباعترافك انك تأخذ البلاد الى جنهم.