«التعطيل» سِمة ترافقت دائماً مع وجود الجنرال ميشال عون في السلطة منذ العام 1988، هذا أمرٌ لا يستطيع أحد إنكاره بالتجربة، وليس من الضروري العودة إلى القرن الماضي للحديث عن هذا التلازم بين الشخص والفراغ، فقبل انتخابه رئيساً للبلاد عاش اللبنانيّون عامين ونصف العام من الشغور في كرسي الرئاسة الأولى، بحجّة انتخاب «الرئيس المسيحي القوي»، واتّهم من لا يريدون عون رئيساً بأنّهم يريدون رئيساً ضعيفاً ليمثّل المسيحيين، وصل عون إلى الرئاسة فانتقل التعطيل إلى المستوى الحكومي، لبنان بلا حكومات منذ بدء العهد الذي حملته رياح التسوية إلى سدّة الحكم، إلّا أنّ صهر العهد تولّى الحكم والتحكّم بالشأن الحكومي بدءاً من توزيع حصص الفرقاء اللبنانيين وتحديد أحجامهم وتولّى تعطيل تشكيل الحكومة الأولى والحكومة الثانية والحكومة الثالثة والآن الحكومة الرّابعة، التعطيل سمة العهد منذ جاء هذا العهد، وبقدر ما استبشر اللبنانيّون خيراً بالاتفاقات التي حملت الرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة بقدر ما خابت آمالهم عندما تولّى صهر الرئيس الانقلاب على الاتفاقات التي أوصلت إلى إنهاء عامين ونصف من التعطيل ليبدأ بعدها تعطيل من نوع آخر!!
كان أوّل ما فعله الرئيس ميشال عون فور انتخابه رئيساً للبلاد حلف اليمين الدستوريّة «أحلف بالله العظيم أني أحترم دستور الأمة اللبنانية وقوانينها وأحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه»، ونسأل فخامته، أولاً: أين احترام الدّستور في ممارسة الرئيس لدور ليس دوره ومخالف للدستور والعرف المتعارف عليه منذ أوّل حكومة بعد «الطائف» إذ ترافق دائماً إعلان مرسوم قبول استقالة الحكومة مع إعلان الرئاسة الدعوة إلى استشارات نيابيّة ملزمة لتسمية رئيس للحكومة، للمرّة الأولى منذ إقرار «الطائف» تتمّ مخالفة الدستور بعدم الدعوة فوراً إلى استشارات نيابيّة ملزمة، وفي حال احتجاج «وزير القصر» بعدم وجود نصّ يلزم الرئيس بوقت للدّعوة إلى استشارات ملزمة ندحض هذه الحجّة بالعرف الذي سارت عليه الأمور من وقت إقرار «الطائف» والذي لم يشذّ عنه أي من الرؤساء الذين تولوْا على سدّة الرئاسة حتى العهد بالرّغم من المخاطر التي يعرّضون لها البلاد لأنّ «لبنان يحكمه مجلس الوزراء مجتمعاً» لذا علينا طرح السؤال اليوم: من يحكم لبنان؟ الإجابة ليست عسيرة، تحكمه بالتعطيل «الثنائية الشيعيّة» وجبران باسيل بالتكافل والتضامن تنفيذاً لأجندة حزب الله التي تقف وراءها إيران التي تريد تجميد الأوضاع وشلّها حتّى حلّ أزماتها مع أميركا!!
ونسأل فخامته ثانياً: بعد الجريمة ضد الإنسانية التي زلزلت لبنان في 4 آب بتفجير نصف مدينة بيروت ومرفئها أين قسمك باحترام «سلامة أراضي» لبنان، خصوصاً وأنّ كلّ اللبنانيين يعلمون أنّ حزب الله فخّخ الأرض تحتهم بمخازن ومستودعات وأنفاقه التي يخزّن فيها صواريخه التي قد تتعرّض للقصف أو الانفجار حتى لسبب تافه، أين سلامة أرواح اللبنانيين وهي أمانة في عنق فخامتك؟
يبقى أن نقول للرئيس سعد الحريري ونتمنّى عليه أن لا يكرّر نفس الخطأ بمناورة عدم تسمية شخصيّة سُنيّة تحظى بتأييد واسع في الطائفة، أحرجهم وأخرجهم يا دولة الرئيس، أفضح كذبهم في ادّعاء تسميتك لرئاسة الحكومة، بكلّ وضوح ندعم ما ذهب إليه بالأمس الوزير نهاد المشنوق «الصوت المدوّي» في وجه التعطيل، سمِّ الرئيس تمّام سلام ودعهم يواجهون دول العالم عندما يبدأ يستغرق التشكيل عاماً كاملاً من عمر العهد عندما يقوم جبران باسيل بممارسة دوره في شلّ تشكيل أي حكومة وبغطاء من رئيس البلاد ميشال عون والثنائيّة الشيعيّة، إسمح لنا يا دولة الرئيس، لا تسمع لجوقة المستشارين، فعدم جدّيتك في تسمية شخصيّة سُنيّة سياسيّة حقيقيّة تحظى بالتأييد من الطائفة تسبّب المرّة الماضية بوصول رجل كحسّان دياب إلى رئاسة الحكومة، من فضلك إقلب الطاولة على رؤوسهم وسمِّ الرئيس تمّام سلام، ولنتفرّج عندها على التعطيل والمعطّلين!