بقلب يقطر دماً ودموع لا تتوقف، أختصر مأساة الشعب اللبناني المعذّب. لقد جاء فخامته الى الحكم منذ 5 سنوات ونصف سنة، واعداً ومتوعداً بشعار العهد القوي، العهد الذي يريد استرجاع حقوق المسيحيين بالكامل.
المصيبة اننا بشكل عام صَدّقناه وقلنا «بين بعضنا البعض» إنّ هذا الرجل الذي هرب الى فرنسا وبقي لاجئاً في «الشانزيليزيه» 15 سنة وكان ادعاؤه الذي يتحفنا به، بأنه يريد تحرير لبنان من الفرس و»الفيديو الذي عمله» ويقول فيه «إنّ الفرس هاجمون عليكم ويجب أن تقاتلوهم وأن تطردوهم من لبنان…» بل أكثر من ذلك ذهب الى الأمم المتحدة وألقى خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يطلب من خلاله «مساعدة لبنان وتحريره من السوريين والفرس… وأنّ لبنان محتل». هذا الرجل الذي كان ينادي بكل هذه الشعارات، وفور عودته من المنفى الباريسي كان أول عمل قام به «اتفاق كنيسة مار مخائيل»، أي أقدم على توقيع اتفاق مع «الحزب»، وأصبح كل كلام الجنرال وتحذيراته وتخوّفه من الفرس والسوريين شعارات جوفاء طنانة رنانة لكن في معظمها كانت فارغة وكاذبة.
عندي هنا سؤال للدكتور سمير جعجع الذي يعرفه تمام المعرفة، وأبرم معه اتفاقاً، وأذكّره بما حدث بين عامي 1988 و1989، لقد نقض الجنرال اتفاقين وقامت حرب «داحس والغبراء» بينهما، وكانت النتيجة تدمير المنطقة المسيحية وتهجير 300 ألف عائلة الى خارج لبنان، وكانت هذه هي الهجرة الأولى للمسيحيين… وهنا نسأل الدكتور جعجع: كيف أبرمت معه اتفاقاً ثالثاً هو «اتفاق معراب»؟. وما تدّعيه أنّ زعيم أهل السنّة هو الذي دفعك لأنه اتفق مع سليمان بك فرنجية هو غير دقيق، لأنك كنت قد أجريت مصالحة مع الزعيم فرنجية قبل أن يتفق معه الرئيس الحريري…
المصاب الأول من الاتفاق كان الدكتور جعجع لأنه عند تشكيل الحكومة وبحسب «اتفاق معراب» على المناصفة بين الوزراء، في تلك اللحظة تراجع الطفل المدلل الصهر، عن الاتفاق ورفض أن يعطي جعجع شيئاً. للمناسبة على ما أذكر أنّ الرئيس سعد الحريري بقي منتظراً 9 أشهر ليحل المشكلة ولكن من دون جدوى.
بالعودة الى إفقار اللبنانيين حيث صار اللبناني:
1- يشحد الدواء من الصيدليات وقد لا يجده بسبب فقدان الاستيراد، أو بسبب الغلاء..
2- يشحد الدخول الى المستشفى، إذ بين الدولار والدولار هناك مشكلة وبين التأمين والمؤمن مشكلة أخرى لا يحلها إلاّ ربّ العالمين.
3- معظم الأطباء الذين نعتز بهم، هاجروا ولم يبقَ إلاّ القليل، هنا قال لي صديق، هو صاحب أكبر وأهم مستشفى في بيروت: إنه لولا وجود مستشفى آخر يملكه في دبي حيث يطلب من الأطباء الذين يعملون عنده أن يعملوا 3 أسابيع في دبي وأسبوعاً في بيروت لأنّ المدخول في لبنان متدنٍ جدا ولو ظلوا في لبنان فلن يكون أمامهم إلاّ الشحادة.
4- هل يستطيع المواطن اللبناني الميسور أن يدخل أولاده الى الجامعة؟ وماذا عن الأقساط؟ وهل ندفع بـ»الفريش الدولار»؟ ومن عنده القدرة كي يدفع مقابل تعليم أولاده؟
5- ماذا عن المدارس وكم من الأولاد لم يدخلوا الى المدارس الرسمية، لأنّ آباءهم لا يستطيعون أن يدفعوا رسوم الدخول إليها وإن كانت زهيدة؟
6- ماذا عن اللحم… ومَن معه ثمن كيلو «لحمة»؟
7- ماذا عن السمك، وهل أصبحت من المحرمات، إذ يستطيع المواطن أن يشتهي لكنه لا يملك المال كي يدفع ثمن ما يشتهيه؟
8- أصبحنا شحادين في الكهرباء، هل يعلم فخامته ان عهده أوصل اللبنانيين للبحث عن اشتراك في مولدات الكهرباء بقوة 2 امبير أي لمبة عدد 2 فقط؟! هكذا أصبح اللبناني يعيش، وتكلفة ٢ امبير هي مليون وخمسماية الف ليرة شهرياً، في وقت صرف صهرك العزيز ٦٥ مليار دولار على الكهرباء اي ثلثي الدين العام الذي يبلغ ٩٠ مليار دولار. والمصيبة الاكبر انه لا توجد كهرباء في عهد الصهر.
أكتفي بهذا القدر لأقول إنّ هذا العهد الذي كنا نراهن عليه، «طلع» كذبة كبيرة، وفي الوقت الذي أفقر الشعب اللبناني نرى ان هناك طبقة أصبحت تتحدث عن الطائرات الخاصة والقصور والڤيلات وأسطول السيارات والسفر الى أوروبا وغيرها.
باختصار، هذا العهد هو أفشل عهد في التاريخ.