تؤكّد هذه السّلطة كلّ يوم للبنانيّين أنّها لا تفهم وأنّها أيضاً لا تريد أن تفهم وأنّ دأبها في تقطيع الوقت هو فقط الاستهانة بالدستور، ولم يتعرّض الدّستور للانتهاك والتّعطيل والاستهزاء به وبعقول اللبنانيين مثلما حدث منذ دخل الجنرال ميشال عون الحياة السياسيّة، لطالما استطاع خلق حالات تعطيل للحياة الدستوريّة والهروب من إلزاميتها إلى عناوين تعطيليّة، ها هي خديعة “التأليف قبل التكليف” التي اعتمدت كخدعة في العام 2019 أصبحت اليوم قاعدة سياسيّة يتماهى معها الفريق السياسي للعهد “فيتجولق” بالدّستور على قاعدة الدّستور لا ينصّ على مهلة ملزمة لرئيس الجمهورية للدعوة إلى استشارات نيابيّة ملزمة ردّاً على عدم تحديد الدّستور مدّة تُلزم الرّئيس المكلّف لتشكيل حكومته، هكذا بمنتهى البساطة وجد من يكرّس تعطيل الدّستور حياة سياسيّة تبقى فيها كلّ الأمور معلّقة أو مشلولة أو كأنّنا نعيش حالة “عون هو الدّستور”!
خرق الدّستور وتعطيله والعبث به هي واحدة من العلامات الفارقة في تاريخ سيّد العهد لمن يريد إعادة قراءة تاريخه في العامين 1989 و1990، ولو كان الزّمن اليوم كذاك الزّمن لفعل مثلما فعل في الأيام الغابرة، ولكن يشاء السّميع العليم أن يقتصر التّدمير والخراب اليوم على المستويات السياسية والاقتصاديّة والماليّة والصحيّة والاجتماعيّة والتربويّة والإنسانيّة فقط، ونظنّ أنّ إصرار العهد على تضييع الوقت وتجاهل أهميّة السّعي سريعاً لتشكيل حكومة ربّما سيجعل الآتي على لبنان أعظم وأظلم، وقناعتنا تامّة بأنّ فريق العهد لن يعترف أبداً بممارساته التعطيليّة فكيف بالاعتراف أنّ العهد مسؤول عن إيصال لبنان إلى هذه اللحظة الحرجة!
العهد يعتقد أنّه لا يزال يعيش في زمن ما قبل “الطائف” وتصرفاته غير الدّستورية التي يلجأ إليها رئيس الجمهورية مستخدماً صهره أداة تنفيذ يتجاهل معها وبإصرار شديد حدود دوره في الدّستور فهو لا يحقّ له دستورياً وليس أبداً من صلاحياته تشكيل حكومة لذا يحاول تشكيلها بطرق ملتوية لأنّه يريد حكومة تنصاع له انصياعاً كاملاً، وأغلب الظنّ أنّ العهد باقٍ في القصر ويحرص على التأكيد أنّه سيغادر حتى لا تهيج الدّنيا فيترك الأمور لوقتها وهو بالتّأكيد سيحاول، فمنذ أوكلت كثير من الأمور وأحيلت إلى جبران (باسيل)، أصبحت كبيرة الكبائر التي تمارس عند تشكيل كلّ حكومة هي التلاعب بنصّ الدّستور ودور رئيس الجمهورية وتدخّله في التّشكيل ومساومة رئيس الحكومة المكلّف بعقد صفقة على جثّة الحكومة قبل أن تحكم.. اليوم وعلى عكس كلّ الذين يذهبون إلى الاعتقاد بأنّ حزب الله استعمل العماد ميشال عون وتياره في صفقة اتّفاق مار مخايل في 6 شباط العام 2006 ليغطّيه مع نهاية العهد نكاد نقول إنّنا وصلنا إلى قناعة بأن العهد وصهره وتيّاره هو من استخدم مراراً حزب الله لينفّذ خطّته في الوصول إلى الرّئاسة، وهو لن يتردّد أبداً في الإنقلاب على الحزب في اللحظة التي تنتهي منفعته منه تماماً مثلما استعمل اتفاق معراب الذي أدخله قصر بعبدا ثم أسقطه وانقلب عليه عندما انتفت حاجته إليه، ووحدها الأيام كفيلة بإثبات صحة القناعة من عدمها!!